قد تكون الصلوات اليومية مستحبة أحيانا في عدة موارد:
أولا: صلاة الصبي المميز. بناءا على ما هو الصحيح من مشروعية عبادته.
ثانيا: الصلاة المعادة جماعة.
ثالثا: الصلاة المؤداة إعادة أو قضاء. إذا كانت بنحو الاحتياط الاستحبابي.
رابعا: صلاة الجمعة بصفتها أفضل فردي التخيير. عندما يكون وجوبها تخييرياً.
وقد سبق الكلام في صلاة العيدين بصفتها قد تكون واجبة أحيانا إلا أن الأغلب هو استحبابها في عصر الغيبة، فنذكر فيما يلي بعض الصلوات الأخرى الوارد استحبابها. غير أن الأحوط الإتيان بها جميعا برجاء المطلوبية.
منها: صلاة ليلة الدفن: وتسمى (صلاة الوحشة). وهي ركعتان يقرأ في الأولى بعد الحمد آية الكرسي، والأحوط أن يقرأ إلى قوله تعالى: (هم فيها خالدون) وفي الثانية بعد الحمد سورة القدر عشر مرات، وبعد السلام يقول: اللهم صلِّ على محمد وال محمد، وابعث ثوابها إلى قبر فلان ويسمي الميت. وفي رواية: يقرأ في الأولى بعد الحمد التوحيد مرتين. وبعد الحمد في الثانية سورة التكاثر عشرا ثم الدعاء المذكور والجمع بين الكيفيتين أولى وأفضل.
(مسألة 1305): لا باس بالاستيجار لهذه الصلاة، وان كان الأولى تركه.
(مسألة 1306): إذا صلى ونسي آية الكرسي أو القدر أو بعضهما أو أتى بالقدر اقل من العدد الموظف فهي لا تجزي عن صلاة ليلة الدفن. ولا يحل له المال المأذون له فيه بشرط كونه مصليا إذا لم تكن الصلاة تامة.
(مسألة 1307): وقتها الليلة الأولى من الدفن، فإذا لم يدفن الميت إلا بعد مرور مدة أخرت الصلاة إلى الليلة الأولى من الدفن. ويجوز الإتيان بها في جميع آناء الليل من الغروب إلى الفجر وان كان التعجيل أولى، والإتيان بها قبل الشروق أحوط.
(مسألة 1308): لو دفن في النهار لزم تأجيل هذه الصلاة إلى الليل، فإنها لا تشرع نهارا، كما انه لو فاتت الليلة الأولى لم تكن مشروعة.
(مسألة 1309): إذا اخذ المال ليصلي، فنسي الصلاة في ليلة الدفن، لم يجز له التصرف في المال إلا بمراجعة مالكه. فان لم يعرفه ولم يمكن التعرف عليه، جرى عليه حكم مجهول المالك. وإذا علم من القرائن انه لو استأذن المالك لأذن له في التصرف في المال كان هذا كافيا في جواز التصرف به.
ومنها: صلاة أول يوم من كل شهر: وهي ركعتان يقرأ في الأولى بعد الحمد سورة التوحيد ثلاثين مرة، وفي الثانية بعد الحمد سورة القدر ثلاثين مرة. ثم يتصدق بما تيسر. يشتري بذلك سلامة الشهر، ويستحب قراءة هذه الآيات الكريمات بعدها وهي:
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ). (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ). (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً). (مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ). (حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ). (أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ). (لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ). (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ). (رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ).
(مسألة 1310): وقت هذه الصلاة منذ بزوغ الهلال إلى نهاية النهار الأول. وان كان الإتيان بها في النهار نفسه أولى وأحوط.
ومنها: صلاة الغفيلة، وهي ركعتان بين المغرب والعشاء، ويمكن أن تصلى في أي وقت أيضاً بعنوان صلاة الحاجة. فإنها تفيد لقضاء حوائج الدنيا والآخرة، يقرأ في الأولى بعد الحمد (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ، فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) ويقرأ في الثانية بعد الحمد (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ). ثم يرفع يديه للقنوت ويقول: اللهم إني أسالك بمفاتح الغيب التي لا يعلمها إلا أنت أن تصلي على محمد وال محمد وان تفعل بي كذا وكذا - ويذكر حاجته- ثم يقول: اللهم أنت ولي نعمتي والقادر على طلبتي تعلم حاجتي، فأسألك بحق محمد وآل محمد عليه وعليهم السلام لمّا (وفي نسخة) إلا قضيتها لي. وقد ورد في هذه الصلاة أنها تورث دار الكرامة ودار السلام، وهي الجنة.
(مسألة 1311): يجوز الإتيان بركعتين من نافلة المغرب بصورة صلاة الغفيلة، فيكون ذلك من تداخل المستحبين. إلا أن الأحوط أكيدا نية رجاء المطلوبية في ذلك كما هو في أصل الصلاة.
ومنها: الصلاة في مسجد الكوفة لقضاء الحاجة، وهي ركعتان يقرأ في كل واحدة منها بعد الحمد سبع سور. والأولى الإتيان بها على هذا الترتيب: الفلق أولا ثم الناس ثم التوحيد ثم الكافرون ثم النصر ثم الأعلى ثم القدر.
ومنها: صلاة الإعرابي، ووقتها عند ارتفاع النهار. يقرأ في الأولى بعد الحمد قل أعوذ برب الفلق سبع مرات. وفي الثانية بعد الحمد قل أعوذ برب الناس سبع مرات. فإذا سلم قرأ آية الكرسي سبع مرات. ثم قام فصلى ثمان ركعات بتسليمتين، يقرأ في كل ركعة بعد الحمد إذا جاء نصر الله مرة واحدة، وقل هو الله احد خمسا وعشرين مرة، فإذا انتهى من ذلك دعا بهذا الدعاء سبع مرات: يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام يا اله الأولين والآخرين يا ارحم الراحمين، يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما يا رب (سبع مرات) يا الله (سبع مرات) صلِّ على محمد وال محمد واغفر لي. واذكر حاجتك. وقل سبعين مرة: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وقل سبحان الله رب العرش الكريم. وورد في ثوابها ضمان الجنة وغفران الذنوب وثواب عظيم.
ومنها: صلاة الأبوين، يصليها الولد لوالديه أو لأحدهما. وهي ركعتان في الأولى الفاتحة وعشر مرات: [رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ]. وفي الثانية الفاتحة وعشر مرات: رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات، فإذا سلم قال عشر مرات: رب ارحمها كما ربياني صغيرا.
ومنها: صلاة الاستخارة ذات الرقاع، وصفتها: انك إذا أردت أمرا فخذ ست رقاع فاكتب في ثلاث منها: بسم الله الرحمن الرحيم، خيرة من الله العزيز الحكيم لفلان بن فلانة افعل، واكتب في الثلاث الأخرى نفس النص مع (لا تفعل). ثم ضعها تحت مصلاك ثم صل ركعتين. فإذا فرغت فاسجد سجدة وقل مائة مرة استخير الله برحمته خيرة في عافية. ثم استو جالسا وقل: اللهم خِر لي في جميع أموري في يسر منك وعافية. ثم اضرب بيدك إلى الرقاع فشوشها واخرج واحدة واحدة فان خرجن ثلاث متواليات افعل، فافعل الامر الذي تريده، وان خرجن ثلاث متواليات لا تفعل، فلا تفعله، وان خرجت واحدة افعل والأخرى لا تفعل، فاخرج من الرقاع إلى خمس فانظر أكثرها، فان كانت ثلاث منها افعل واثنتان لا تفعل، فافعل الأمر الذي تريده، وان كانت بالعكس فلا تفعله.
(مسألة 1312): قالوا: إن صحة الاستخارة متوقفة على حصول الإذن من احد ثلاثة أشخاص، أما الحاكم الشرعي أو الأب أو شخص لديه إذن سابق بها. ولاشك أن هذا أحوط بالرغم من إطلاق أدلتها على أن يكون الشرط ليس عناوينهم وإنما كون كل منهم رجلا صالحا ومجازا بالاستخارة.
(مسألة 1313): لا تكون الاستخارة إلا للأمور التي ليس هناك رجحان واضح لفعلها ولا لتركها لا دنيويا ولا أخرويا. وهي الأمور المحيرة ولذا قيل: الخيرة عند الحيرة، واما الخيرة فيما فيه رجحان فغير مشروع.
(مسألة 1314): اذا تمت الاستخارة على شيء فلا معنى لتكرارها عليه بنفسه على أمل أن تخرج على حسب الرغبة. فان الثانية تكون باطلة لا محالة. إلا مع حصول تغير في الموضوع بمقدار معتد به.
(مسألة 1315): يمكن أيضاً الاستخارة بالقران الكريم وبالمسبحة على تفصيـل لا يسعه المقام.
ومنها: الصلاة في مسجد السهلة، فانك إذا أردت أن تمضي إلى السهلة فاجعل ذلك بين المغرب والعشاء الآخرة من ليلة الأربعاء وهو أفضل من غيره من الأوقات، فإذا أتيته فصل المغرب ونافلتها. ثم قم فصل ركعتين تحية المسجد قربة إلى الله تعالى. ويمكن أن تنوي صلاة الحاجة أو الصلاة الواردة في هذا المقام، فإذا فرغت فارفع يديك إلى السماء وقل: أنت الله لا اله إلا أنت مبدئ الخلق ومعيدهم. وأنت الله لا اله إلا أنت خالق الخلق ورازقهم، وأنت الله لا اله إلا أنت القابض الباسط، وأنت الله لا اله إلا أنت مدبر الأمور وباعث من في القبور أنت وارث الأرض ومن عليها. أسألك باسمك المخزون المكنون الحي القيوم، وأنت الله لا اله إلا أنت عالم السر وأخفى، أسألك باسمك الذي إذا دعيت به أجبت وإذا سُئلت به أعطيت، وأسألك بحقك على محمد وأهل بيته وبحقهم الذي أوجبته على نفسك أن تصلي على محمد وال محمد، وان تقضي لي حاجتي الساعة يا سامع الدعاء يا سـيداه يا مولاه ياغياثاه، أسالك بكل اسم سميت به نفسك أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تصلي على محمد وال محمد، وان تجعل فرجنا الساعة يا مقلب القلوب والأبصار يا سميع الدعاء. ثم اسجد واخشع وادع الله بما تريد.
ومنها: صلاة جعفر بن أبي طالب الملقب بالطيار، وهي أربع ركعات فانك تفتتح ثم تكبر خمس عشرة مرة وتقول : الله اكبر وسبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله، ثم تقرأ الفاتحة وسورة ثم تركع وتذكر للركوع، ثم تقولهـن في الركوع عشر مرات، ثم ترفع راسك من الركوع فتقولهن عشر مرات، وتخر ساجدا وتذكر للسجود وتقولهن عشر مرات في سجودك، ويمكن الاكتفاء بـها لذكر الركوع والسجود، ترفع راسك من السجود فتقولهن عشر مرات، ثم تخر ساجدا وتقولهن عشر مرات، ثم ترفع راسك من السجود فتقولهن عشر مرات ثم تنهض فتقولـهن خمس عشرة مرة، ثم تقرا فاتحة الكتاب وسورة وتقنت وتركع، وتستمر على نفس الترتيب إلى رفع الرأس من السجدة الثانية من الركعة الثانية فتقولهن عندئذ عشـر مرات. ثم تتشهد وتسلم، ثم تقوم وتصلي ركعتين تصنع فيهما مثل ذلك، وقد روي أن التسبيح في صلاة جعفر بعد القراءة، كما يمكن تكرارها قبلها وبعدها أخذا بكلتا الروايتين. كما روي أن ترتيب التسبيح: سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله اكبر. ولعله هو الأشهر، والقنوت في كل ركعتين منهما قبل الركوع، ولا تسبيح فيه، والقراءة في الركعة الأولى بالحمد وإذا زلزلت وفي الثانية الحمد والعاديات وفي الثالثة الحمد وإذا جاء نصر الله وفي الرابعة الحمد وقل هو الله احد، وان شئت صليتها كلها بالحمد وقل هو الله احد. وروي انـه لو كان عليه مثل رمل عالج وزبد البحر ذنوبا لغفر الله له. وروي: إذا كنت مستعجلا فصل صلاة جعفر مجردة ثم اقض التسبيح.
(مسألة 1316): روي: صل صلاة جعفر في أي وقت شئت من ليل أو نـهار، وان شئت حسبتها من نوافل الليل وان شئت حسبتها من نوافل النهار وتحسب لك من نوافلك. وتحسب لك من صلاة جعفر (عليه السلام) أقول: هذا من الموارد المنصوصة لتداخل المستحبين ولكن نية الرجاء فيها أحوط.
(مسألة 1317): روي: انك تقول في آخر سجدة من صلاة جعفر: يا من لبس العز والوقار يامن تعطف بالمجد وتكرم به يامن لا ينبغي التسبيح إلا له، يا من أحصى كل شيء علمه، يا ذا النعمة والطول، يا ذا المن والفضل، يا ذا القدرة والكرم. أسألك بمعاقد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك وباسمك الأعظم الأعلى وكلماتك التامات أن تصلي على محمد وال محمد، وان تفعل بي كذا وكذا وتطلب حاجتك.
ومنها: صلاة الليل، وهي من النوافل اليومية الثابت استحبابها بضرورة الدين، وقد ورد فيها آثار وثواب عظيمان، وركعاتها من جملة الركعات الإحدى والخمسين التي هي من جملة علامات المؤمن وقد سبق الحديث عن عدد ركعاتها في فصل إعداد الفرائض والنوافل، ووقتها في فصل الأوقات مسألة (616). وهنا نريد أن نتعرف على جانب آخر من مستحباتها وأحكامها.
يقرأ بعد الحمد في الأولى التوحيد وفي الثانية قُل يا أيها الكافرون ويقرأ في سائر الركعات ما شاء من السور. ويجزي الحمد والتوحيد في كل ركعة ويجوز الاقتصار على الحمد وحدها، والقنوت كما هو مسنون في الفرائض مسنون في النوافل في الركعة الثانية من كل ثنائي من ركعاتها وتقرأ فيه ما تشاء. وكلما كان أكثر تضرعا وخشوعا كان أفضل.
فإذا فرغت من الثمان ركعات صلاة الليل، فصل الشفع ركعتين والوتر ركعة واحدة لكل منهما تكبيرة إحرام مستقلة على الأقوى. واقرأ في هذه الركعات الثلاث قل هو الله احد حتى يكون لك أجر خـتمة كاملة من القران الكريم فان لسورة التوحيد اجر ثلث القران أو اقرأ في الأولى من الشفع الفاتحة وسورة قل أعوذ برب الناس وفي الثانية الحمد وسورة قل أعوذ برب الفلق.
ويستحب أن تدعو إذا فرغت من الشفع قبل الفجر بـهذا الدعاء: الـهـي تعرض لك في هذا الليل المتعرضون وقصدك القاصدون وأمّل فضلك ومعروفك الطالبون ولك في هذا الليل نفحات وجوائز وعطايا ومواهب تمن بـها على من تشاء من عبادك وتمنعها من لم تسبق له العناية منك. وها أنا ذا عبدك الفقير إليك المؤمل فضلك ومعروفك فإذا كنت يا مولاي تفضلت في هذه الليلة على احد من خلقك وعدت عليه بعائدة من عطفك، فصل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين الخيرين الفاضلين وجد علي بطولك ومعروفك يا رب العالمين. وصلى الله على محمد خاتم النبيين واله الطاهرين وسلم تسليما إن الله حميد مجيد. اللهم إني ادعوك كما أمرت فاستجب لي كما وعدت انك لا تخلف الميعاد.
واقرأ في قنوت الشفع الدعاء الذي روي أن الإمام موسى بن جعفر عليه السلام كان إذا قام في محرابه ليلا قرأه. وهو الدعاء الخمسون من الصحيفة السجادية الكاملة، وأوله: اللهم انك خلقتني سويا ورزقتني مكفياً. إلى آخر الدعاء.
فإذا فرغت من ركعتي الشفع فانـهض لركعة الوتر، واقرأ فيها الحمد وسورة التوحيد، أو اقرأ بعد الحمد سورة التوحيد ثلاث مرات والمعوذتين مـرة. ثم ارفع يدك للقنوت ويستحب أن يبكي الإنسان في القنوت من خشية الله والخوف من عقابه أو يتباكى. ويستحب أن يدعو لإخوانه المؤمنين. وبالأخص أن يذكر أربعين منهم بأسمائهم وأسماء آبائهم أو بأي لفظ يعين أفرادهم كوالدي وأخي ونحو ذلك. فان من دعا لأربعين نفسا من المؤمنين استجيب دعاؤه إن شاء الله.
ويستحب أن يدعو في هذا القنوت بما رُوي إن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يدعو به فيه: اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فانك تقضي ولا يقضى عليك، سبحانك رَب البيت أستغفرك وأتوب إليك وأومن بك وأتوكل عليك ولا حول ولا قوة إلا بك يا رحيم.
وينبغي للفرد أن يقول في هذا القنوت، سبعين مرة استغفر الله ربي وأتوب إليه. وينبغي في ذلك أن يرفع يده اليسرى للاستغفار ويحصي عدده في اليمنى. وروي أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يقول سبع مرات: هذا مقام العائذ بك من النار. كما روي أن الإمام زين العابدين (عليه السلام) كان يقول: العفو العفو ثلاثمائة مرة. وليقل بعد ذلك : رَب اغفر لي وارحمني وتب عليَّ انك أنت التواب الرحيم.
وينبغي أن يطيل القنوت، فإذا فرغ منه ركع، فإذا رفع رأسه دعا بهذا الدعاء: هذا مقام من حسناته نعمة منك وشكره ضعيف وذنبه عظيم وليس لذلك إلا رفقك ورحمتك. فانك قلت في كتابك المُنـزل على نبيك المرسل صلى الله عليه واله: كانوا قَليلا مِن الليلِ ما يَهجَعونَ وبالأسحار هُم يَستغفِرون. طال هجوعي وقلَّ قيامي، وهذا السَحَر وأنا أستغفرك لذنوبي استغفار من لا يجد لنفسه ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياةً ولا نشورا ثم يُتم الصلاة ويقرأ بعدها آية الكرسي ويسبح تسبيح الزهراء عليها السلام. وجملة ما ورد من التعقيب حتى يبزغ الفجر.
كما يستحب أن يقرأ في القنوت قبل الركوع من الوتر دعاء الفرج وهو: لا اله إلا الله الحليم الكريم، لا اله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله رَبِ السموات السبع ورب الأرضين السبع، وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيــم والحمد للهِ رب العالمين. كما يستحب فيه إن يقول: استغفر الله الذي لا اله إلا هو الحيّ القُيّوم ذو الجلال والإكرام، لجميع ظلمي وجرمي وإسرافي على نفسي وأتوب إليه. وان يقول: رَبِ أسأت وظلمت نفسي، وبِئس ما صنعت وهذي يدي جزاء بما كسبت وهذي رقبتي خاضعة لما أتيت. وها أنا ذا بين يديك، فخذ لنفسك من نفسي الرضا حتى ترضى. لك العتبى لا أعود. وليس هناك تحديد إلزامي في تقديم أو تأخير بعض هذه الأذكار عن بعض.
فقد روي: انه يحسن أن يقرأ التوحيد ستين مرة في الثنائية الأولى يقرؤها بعد الحمد في كل ركعة منهما ثلاثين مرة لكي ينصرف من الصلاة ولم يك بينه وبين الله عز وجل ذنب.
(مسألة 1318): المؤمنون الأربعون الذين يدعو لهم، يمكن أن يكونوا أحياءا وأمواتا، كما يمكن ان يكونوا رجالا ونساءاً، كما يمكن أن يكونوا من عشيرته أو الآخرين.
(مسألة 1319): يمكن حذف كل هذه المستحبات والأذكار الإضافية لمن لا يطيقها أو يضيق وقته عنها والاقتصار على الأجزاء المقوّمة للصلاة.
(مسألة 1320): صلاة الليل، إحدى عشر ركعة كما عرفنا متكونة من ست صلوات لكل منها تكبير مستقل وتسليم وتكون بإضافة نافلة الصبح ودسها فيها، كما سبق في مسألة (616) ثلاث عشرة ركعة مكونة من سبع صلوات بسبع تكبيرات وتسليمات، كلها صلوات ثنائية إلا الوتر فإنها ركعة واحدة، فإذا شك بمقدار صلواتهِ بنى على الأقل وإذا شك في عدد ركعاته بنى على المصحح، فان كان البناء على الأقل مصححا بنى عليه كالشك بين الاثنتين والثلاث، وإن كان البناء على الأكثر مصححا بنى عليه كالشك بين الواحدة والاثنتين. ولـه في مثله البناء على الأقل. ولو شك في الركعات والصلوات معا. كما لو شك انه في الركعة الأولى أو الثانية من الصلاة الثالثة أو الرابعة، بنـي على الأقل وهو الأولى من الثالثة ولـه البـناء على أي احتمال آخر بما فيها الأكثر وهو الثانية من الرابعة. فان أمر النافلة موسـع.
(مسألة 1321): يمكن دس نافلة الصبح في صلاة الليل، سواء أتى بنافلة الصبح قبل الفجر أم جاء بنافلة الليل بعد الفجر أم بزغ الفجر خلال الصلاة. وذلك بالإتيان بركعتين بنية نافلة الصبح أو نافلة الفجر، بين صلوات نافلة الليل، في أي موضع شاء، وأفضل المواضع له هو بعد الركعات الثمانية الأولى أو بعد ركعة الوتر، ولو شك بإتيانها معها بني على العدم.