صلاة الاستئجار

المبحث السادس : صلاة الاستئجار

لا يجوز القضاء في العبادات الواجبة تبرعا أو استئجارا عن الاحياء ولو مع عجزهم  عنها، إلا في الحج إذا كان مستطيعا وعاجزاً عن المباشرة فيجب ان يستنيب من يحج عنه. ويجوز التبرع عنهم في المستحبات وخاصة فيما ليس لها مثل عبادي واجب بالاصل، كقراءة القرآن والزيارة، واما ما له اصل مثل واجب كالصلاة والصوم الاستحبابيين، فالاحوط الاتيان بها رجاءً ويجوز التبرع عن الاموات في الواجبات والمستحبات، كما يجوز اخذ الاجرة عليهما، اما اهداء ثواب العمل إلى الاحياء في  الواجبات والمستحبات فهو وارد ومشروع حتى فيما إذا اداه الفرد عن نفسه، إلا ان الأحوط وجوباً في الواجبات اهداء ثوابه بعد الانتهاء من العمل لنفسه.

ويُثار إشكال هنا مفاده المنافاة بين أخذ الأجرة على العبادات وقصد القربة الذي هو شرطٌ في صحتها باعتبار أن الأجير يقصد أخذ الاجرة لا القربة.

وقد أجيب الاشكال بعدة وجوه، أحدها: أن الأجير  يصلي قربة إلى الله تعالى لكن الدافع إلى الصلاة قربة إلى الله تعالى هو أخذ الأجرة، فقصد الأجرة هو الداعي إلى الداعي للعمل ولا يشترط قصد القربة في غير الداعي الأول المباشر، وقد وردت أمثاله في الشريعة كالصلاة طلباً للرزق أو الولد وغيرها فالداعي إلى الصلاة هو قصد القربة لكن الداعي إلى هذا الداعي هذه الأمور.

(مسألة 1110) : يجوز الاستئجار للصلاة ولسائر العبادات عن الاموات وتفرغ ذمتهم بفعل الأجير من دون فرق بين كون المستأجر وصياً أو ولياً أو وارثاً أو اجنبياً ،إلا ان اهداء الثواب لا يفرغ ذمة الميت واخذ الاجرة عليه مشكل.

(مسألة 1111) : يعتبر في الأجير العقل والايمان والبلوغ على قول مشهور، لكن الاقوى خلافه في  المميز. ويعتبر ان يكون عارفا باحكام القضاء على وجه يصح منه الفعل، ويجب  ان ينوي بفعله الاتيان بما في ذمة الميت امتثالا للامر المتوجه إلى النائب بالنيابة الذي كان استحبابياً قبل الاجارة وصار وجوبياً بعدها، كما إذا نذر النيابة عن الميت فالمتقرب بالعمل هو النائب ويترتب عليه فراغ ذمة الميت، والأحوط وجوبا عدم قصد الاوامر المعاملية الناتجة عن الاستئجار.

(مسألة 1112) : يجوز استئجار كل من الرجل والمرأة عن الرجل والمرأة، ويراعي في الجهر والاخفات  حال الأجير، فالرجل يجهر وجوبا في الصلاة الجهرية. وان كان نائبا عن المرأة والمرأة لاجهر عليها وان نابت عن الرجل في الجهرية.

(مسألة 1113) : لا يجوز استئجار ذوي الاعذار كالعاجز عن القيام أو عن الطهارة الخبثية أو ذي  الجبيرة أو المسلوس أو المتيمم أو غيرهم من المضطرين. إلا إذا تعذر غيرهم. ومع التعذر يتعين استئجار من كان عذره واقعيا كذي الجبيرة والمستحاضة ومن  يصلي بالدم المعفو عنه، لا من كان عذره ثانوياً كالمتيمم وذي النجاسة الخبثية غير الدم والمسلوس. واما في صورة التبرع فيجزيء ما كان من القسم الاول دون الثاني.

(مسألة 1114) : ان تجدد للاجير العجز، فلو كان عذره واقعيا، استمر بعبادته النيابية، وان كان عذره  ثانويا انتظر إلى زمان القدرة وان كان زمن الاجارة محددا وانتهى مع العجز انفسخت الاجارة ورجع بالاجرة بنسبة ماترك.

(مسألة 1115) : إذا حصل للاجير شك أو سهو يعمل باحكامهما بمقتضى تقليده أو اجتهاده، ولا يجب عليه  اعادة الصلاة. هذا مع اطلاق الاجارة والا لزم العمل على مقتضى الاجارة، فإذا استاجره على ان يعيد مع الشك أو السهو تعين ذلك. وكذا الحكم في سائر احكام الصلاة، فمع اطلاق الاجارة يعمل الأجير على مقتضى اجتهاده وتقليده. ومع تقييد الاجارة يعمل  على ما يقتضي التقييد ما لم يعلم بعدم حجية ذلك التقييد.

(مسألة 1116) : إذا كانت الاجارة على نحو المباشرة لا يجوز للاجير ان يستاجر غيره للعمل، ولا لغيره  ان يتبرع عنه فيه ولكن له ان يتبرع بالقضاء عن الميت مباشرة، وكذا إذا كانت  الاجارة مطلقة على الأحوط ما لم ينص فيها على عدم المباشرة ولكن لا يجوز ان يستاجره باقل من الاجرة إلا إذا اتى ببعض العمل.

(مسألة 1117): إذا عين المستأجر للأجير مدة معينة، فلم يأت بالعمل كله أو بعضه فيها، لم يجز الاتيان به بعدها. الا بأذن من المستأجر. وإذا اتى به بعدها بدون اذنه لم يستحق الاجرة، وان برئت ذمة المنوب عنه بذلك.

(مسألة 1118) : إذا تبين بطلان الاجارة بعد العمل اجزأت الصلاة واستحق الأجير اجرة المثل وكذا إذا  فسخت لغبن أو غيره.

 (مسألة 1119) : إذا لم يتعين العمل من حيث الاشتمال على المستحبات، يجب الاتيان به على النحو  المتعارف، إذا كان بالغا إلى حد الشرط الضمني والاجاز الاقتصار على الواجب.

(مسألة 1120) : إذا نسي الأجير بعض المستحبات مما كان مأخوذا في متعلق الاجارة نقص من الاجرة بنسبته.

(مسألة 1121) : إذا تردد العمل المستأجر عليه بين الاقل والاكثر كما لو شك الأجير بأنه استؤجر لشهر أو شهرين مثلاً، جاز الاقتصار على الاقل، وإذا تردد بين متباينين كما لو شك أنه استؤجر لصوم شهر أو صلاة شهر وجب الاحتياط بالجمع، هذا إذا لم يمكن الفحص أو تعذر العلم بعد  الفحص. والا عمل على نتيجة الفحص.

(مسألة 1122) : يجب تعيين المنوب عنه ولو اجمالاً،  مثل أن ينوي عمَّن قصده المستأجر أو صاحب المال أو من اشتغلت ذمته بالقضاء عنه ان كان واحدا. أو نحو ذلك.

 (مسألة 1123) : إذا وقعت الاجارة على تفريغ ذمة الميت فتبرع متبرع بذلك ففرغت ذمته انفسخت  الاجارة.  ان لم يمض زمان يتمكن الأجير فيه من الاتيان بالعمل، والاّ كان عليه اجرة المثل يدفعها للمستأجر، ويبقى الفرق - إذا وُجد- له، لكن أخذه بدون عمل مشكل فليستأذن في  انجاز اي عمل يعود على الميت بازائه.  وإذا بقي من العمل الاصلي شيء في ذمة  الميت اتى به الأجير واحتسب به الفرق. اما إذا كانت الاجارة على نفس العمل، بغض النظر عن تفريغ ذمة الميت، كما لو كانت احتياطية، فلا تنفسخ فيما كان العمل  مشروعا بعد فراغ ذمته، فيجب على الأجير العمل على طبق الاجارة.

(مسألة 1124) : يجوز الاتيان بصلاة الاستيجار جماعة إماما كان الأجير أم مأموما. ولكن يعتبر في صحة الجماعة إذا كان الامام أجيراً علم المأموم باشتغال ذمة المنوب عنه بالصلاة، فإذا كانت احتياطية كانت الجماعة باطلة.

(مسألة 1125) : إذا مات الأجير قبل الاتيان بالعمل المستاجر عليه، واشترطت المباشرة، فان لم يمض  زمان يتمكن الأجير من الاتيان بالعمل فيه بطلت الاجارة ووجب على الوارث رد الاجرة المسماة من تركته، والا كان عليه اداء اجرة مثل العمل من تركته، ويكون حكم الفرق كما قلناه في المسألة (1123)، وان لم تشترط المباشرة وجب على الوارث الاستئجار من تركته كما في سائر الديون المالية فان كان ذلك باقل من الاجارة الاولى فكما قلناه، وإذا لم تكن له تركة لم يجب على الوارث شيء ويبقى الميت مشغول الذمة بالعمل او بالمال ولا يجب على الوارث التصدي لذلك وان استحب.

(مسألة 1126) : يجب على من عليه واجب من الصلاة والصيام ان يبادر إلى القضاء إذا ظهرت  امارات الموت، بل إذا لم يطمئن بالتمكن من الامتثال إذا لم يبادر، بمعنى ان احتمال  العجز مستقبلا كاف لوجوب المبادرة. فان عجز وجبت عليه الوصية به ويخرج  من ثلثه كسائر الوصايا، وإذا كان عليه دين مالي للناس، ولو كان مثل الزكاة والخمس ورد المظالم وجبت  عليه المبادرة إلى وفائه. ولا يجوز التأخير وان علم ببقائه حياً. وإذا عجز عن الوفاء  وكانت له تركة وجبت عليه الوصية بها إلى ثقة مأمون ليؤديها عنه بعد موته وهذه تخرج من اصل المال على الاقوى.

(مسألة 1127) : إذا اجر نفسه لصلاة شهر مثلا، وشك في ان المستأجر عليه صلاة السفر أو الحضر، ولم يمكن الاستعلام من المؤجر وجب الاحتياط بالجمع. وكذا لو اجر نفسه لصلاة وشك في انها الصبح أو الظهر مثلا وجب الاتيان بهما احتياطا.

(مسألة 1128) : إذا علم ان على الميت فوائت ولم يعلم انه اتى بها قبل موته أو لا، استؤجر عنه  على الأحوط.

(مسألة 1129): إذا اجر نفسه لصلاة أربع ركعات من الزوال إلى الغروب في يوم معين فأخر حتى بقي من الوقت مقدار أربع ركعات، ولم يصل صلاة العصر لذلك اليوم، وجب الاتيان بصلاة العصر. وللمستأجر فسخ الاجارة والمطالبة بالأجرة المسماة. وله ان لا يفسخها ويطالب باجرة المثل، وان زادت على الاجرة المسماة.

(مسألة 1130) : الأحوط اعتبار عدالة الأجير حال الاخبار بانه ادى ما استؤجر عليه وان كان الظاهر  كفاية كونه ثقة في تصديقه إذا اخبر عن الأداء.