مطهرية الشمس

مطهرية الشمس

الثالث: الشمس.

(مسألة 576) : تطهر الشمس الأرض النجسة وما يصدق عليه عنوان الأرضية كالسقوف وأسطح المنازل، ولا يتعداها إلى الأبنية وما اتصل بها ولا الأشجار والثمار ولا  الحصر ولا  البواري.

(مسألة 577) : يشترط في الطهارة بالشمس- مضافاً إلى زوال عين النجاسة وإلى رطوبة المحل-  اليبوسة المستندة إلى الإشراق عرفاً، وإن شاركها غيرها في الجملة من ريح أو غيرها.

(مسألة 578) : إذا كانت الأرض النجسة جافة وأريد تطهيرها،  صُبَّ عليها الماء الطاهر أو النجس، فإذا يبست بالشمس طهرت.

(مسألة 579) : إذا تنجست الأرض بالبول فأشرقت عليها الشمس حتى يبست طهرت من دون حاجة إلى صبَّ الماء عليها، نعم، إذا كان البول غليظاً له جرم لم يطهر جرمه بالجفاف، ولا يطهر سطح الأرض الذي عليه الجرم، فيفعل ما قلناه في المسألة  السابقة.

(مسألة 580) : الحصى والتراب والطين والأحجار المعدودة جزءاً من الأرض، بحكم الأرض في الطهارة بالشمس، وإن كانت في نفسها منقولة، نعم، لو لم تكن معدودة، كقطعة من الطابوق في أرض مفروشة بالحصى أو الأسفلت أو نحوهما فلا يجري فيها حكم الطهارة.

الرابع: الاستحالة إلـى جسم آخر عرفاً، والاستحالة هي تبدل حقيقة الشيء وصورته النوعية إلى صورة أخرى تغايرها بشكلٍ أساسي، فتطهَّر النار ما أحالته رماداً أو دخاناً أو بخاراً، سواء كان نجساً أو متنجساً، وكذلك لو استحال إلى أحدها بغير النار، أمّا ما أحالته النار خزفاً أو آجراً أو جصاً أو نورة أو فحماً، فهو باق على النجاسة على الأحوط.

(مسألة 581) : لو استحال الشيء بخاراً ثم استحال عرقاً فهو طاهر، إلا إذا صدق على العرق نفسه عنوان إحدى النجاسات، كعرق الخمر فإنّه نجس. وإذا شك في ذلك، فهو طاهر.

(مسألة 582) : السائل النجس أو المتنجس إذا صار بولاً لحيوان مأكول اللحم أو عرقاً له أو لعاباً منه، فهو طاهر. وكذلك لو أصبح جزءاً من عصارة النبات أو الفاكهة.

(مسألة 583) : الغذاء النجس أو المتنجس إذا صار خرءاً لحيوان مأكول اللحم أو لبناً أو صار جزءاً من الخضروات أو النباتات أو الأشجار أو الأثمار فهو طاهر.

(مسألة 584) : إذا استحالت الميتة أو أي عين من النجاسات إلى تراب طهرت، وحتى الكلب.

(مسألة 585) : تحول السائل إلى جامد وبالعكس، ليس من الاستحالة المطهرة، سواء تحول بنفسه أم بعلاج.

(مسألة 586) : استحالة المنيّ النجس إلى حيوان طاهر العين، بما فيها الإنسان الطاهر، مطهر له، وإن فرض كونه مأخوذاً من نجس العين، فلو نزا كلب على شاة فأولدها شاة كانت طاهرة، بل هذا المولود وأمثاله طاهر على أيّ حال ما لم يشبه الكلب أو الخنزير.

الخامس: الإنقلاب، فإنّه مطهر للخمر إذا خرجت عن كونها خمراً، سواء انقلبت خلاً  أو غيره، نعم، لو تنجست بنجاسة خارجية ثم انقلبت خلاً لم تطهر على الأحوط وجوباً وكذلك العصير العنبي إذا غلى بناءً على نجاسته فإنّه يطهر ويحل إذا انقلب خلاً.

السادس: ذهاب الثلثيـن (بحسب الحجم لا بحسب الوزن)، كما لو كان مقداره ثلاثة ألتـار فبقي بالغليان لتراً واحداً، فإنّه مطهر للعصير العنبي المغلي بناءً على نجاسته ويحل شربه أيضاً عندئذ.

السابع: الانتقال، فإنّه مطهر للمنتقل إذا أضيف إلى المنتقل إليه وعد جزءاً منه كدم الإنسان الذي يشربه البق والبرغوث والقمّل على تفصيل سبق في نجاسة الدم.

(مسألة 587) : إذا ركب جزء من ميت أو كافر نجس أو من حيوان نجس العين، لإنسان طاهر العين أو حيوان كذلك، أصبح جزءاً منه ويحكم بطهارته، ويجزي معه الوضوء والغسل وتصح معه الصلاة.

 الثامن: الإسلام، فإنّه مطهر للكافر النجس بجميع أقسامه حتى المرتد عن الفطرة على الأقوى. ويتبعه أجزاؤه كشعره وظفره وفضلاته من عرقه وبصاقه ونخامه وقيئه وغيرها. كما تطهر معه ثيابه التي يلبسها إن كانت نجاستها من جسده أو برطوبة طاهرة لولا ذلك. كما يطهر معه كل ما يمسك به أو يماس بدنه حال الدخول في الإسلام  مما سرت النجاسة إليه حال كفره.

التاسع: التبعية، فإنّ الكافر إذا أسلم يتبعه ولده في الطهارة إذا كان دون البلوغ، وإن كان مميزاً على الأقوى، ما لم يحكم بكفره لسوء اعتقاده. أباً كان الكافر أم جداً لاب أم أُماً، وذكراً كان الطفل أم أنثى. وكذا أواني الخمر تتبعها في الطهارة إذا انقلبت خلاً وكذلك أواني العصير العنبي إذا ذهب ثلثاه بناءً على نجاسته، ولا فرق في الإناء بين ما لامسه الخمر أو العصير أو لا. أما طهارة يد العامل لذلك وثيابه أو الوجه الآخر للإناء بالتبع فمحل إشكال، أشبهه البقاء على النجاسة.

(مسألة 588) : إذا تم تغسيل الميت طهر جسده وكذلك يد الغاسل والسدة التي يغسل عليها والثياب التي يغسل فيها، فإنّها تتبع الميت في الطهارة، قلت أو كثرت، وأمّا بدن الغاسل وثيابه وسائر آلات التغسيل فالحكم بتبعيتها في الطهارة محل إشكال، أحوطه البقاء على النجاسة مع إحراز الملاقاة. وإلا حكم بطهارتها كما كانت قبل البدء بالتغسيل.

العاشر: زوال عيـن النجاسة عن بواطن الإنسان وجسد الحيوان ظاهره وباطنه، فيطهر منقار الدجاجة الملوث بالعذرة بمجرد زوال عينها ورطوبتها، وكذا بدن الدابة المجروحة وفم الهرة الملوث بالدم أو الميتة. وكذلك يطهر ولد الحيوان الملوث بالدم عند الولادة بمجرد زوال عين النجاسة. وكذا يطهر باطن فم الإنسان إذا أكل نجساً أو شربه ولو عصياناً، أو حصل دم في فمه من أسنانه ونحو ذلك، بمجرد زوال عين النجاسة. وكذا باطن عينه عند الاكتحال بالنجس أو المتنجس.

(مسألة 589) : لا يحكم بنجاسة بواطن الإنسان وجسد الحيوان، وكذلك لا يحكم بسراية  النجاسة من النجس إلى الطاهر إذا كانت الملاقاة بينهما في الباطن. سواء أكانا متكونين في الباطن كالودي يلاقي البول في الباطن، أو كان النجس متكوناً في الباطن والطاهر يدخل إليه كماء الحقنة، فإنّه لا ينجس بملاقاة النجاسة في الأمعاء، أو كان النجس في الخارج والطاهر في الباطن، كالماء أو الطعام النجس الذي يتناوله الإنسان فإنّه لا ينجس الباطن. بل الحكم بنجاسة الدم والبول والغائط قبل خروجهما محل إشكال بل منع، وكذلك إذا كانا معاً متكونين في الخارج وتلاقيا في الداخل، كما إذا ابتلع شيئاً طاهراً وشرب عليه ماءً نجساً، فإنّه إذا خرج ذلك الطاهر من جوفه غير ملوث بالنجاسة ولا بذلك الماء المتنجس حكم عليه بالطهارة. ولا يجري الحكم الأخير في الملاقاة في باطن الفم، فلا بد من تطهير الملاقي.

الحادي عشر: غيبة المسلم، فإنّها مطهرة لجسم المسلم وثيابه وفراشه وأوانيه وغيرها من توابعه، إذا احتمل حصول الطهارة لها، وكان قد علم بنجاستها ولكن استعملها صاحبها فيما يعتبر فيه الطهارة، مع علمه بنجاستها وعلمه بشرطية الطهارة، ولم يكن ممن لا يبالي بالنجاسة. فإنّه حينئذ يحكم بطهارتها.

(مسألة 590) : الغيبة حجة شرعية لإثبات الطهارة، على نحو ما سبق سواء كانت الحالة السابقة عليها هي العلم بالنجاسة أو الشك فيها.

(مسألة 591) : الأحوط اختصاص الغيبة بالمؤمن البالغ العاقل.

(مسألة 592) : لا تختص الغيبة بالأمور التي ذكرناها في العنوان، بل تعم سائر الأشياء الجامعة للشرائط السابقة.

الثاني عشر من المطهرات: استبراء الحيوان الجلال، فإنّه مطهر له ولفضلاته من نجاسة الجلل، بأن يمنع الحيوان عن أكل النجاسة مدة يخرج بعدها عن صدق عنوان الجلال عليه والأحوط وجوباً اعتبار مضي المدة المعينة له شرعاً، وهي في الإبل أربعون يوماً وفي البقر عشرون وفي الغنم عشرة وفي البطة سبعة على الأحوط وفي الدجاجة ثلاثة، والأحوط اعتبار أطول المدتين. ومع عدم تعيين المدة شرعاً، فإن كان الحيوان في حجم ما هو معين شرعاً فالأظهر إلحاقه به مع اعتبار زوال الاسم على الأحوط، وإن لم يكن في حجمها اعتبر زوال الاسم خاصة.

(مسألة 593) : كل حيوان أحرز وجود الأوداج الأربعة فيه، فالظاهر قبوله للتذكية عدا نجس العين وما كان حشرة عرفاً، وإن لم يكن حشرة بالدقة كالفأرة. ويلحق به ما شك في وجود الأوداج الأربعة له، أو ما لا يمكن التسلط على قطعها. وأثر التذكية -غير أكل لحمه- طهارة الأجزاء المأخوذة منه كالجلد وجواز استعمالها فيما يشترط فيه الطهارة كالصلاة، مع ملاحظة عدم جواز الصلاة فيما لا يؤكل لحمه.

(مسألة 594) : تثبت الطهارة بالعلم وبالبينة وهي الشاهدان العادلان وبإخبار ذي اليد إذا لم يوثق بكذبه. وكذلك خبر الثقة الواحد. وإذا شك في نجاسة ما علم طهارته سابقاً يبنى على طهارته.