في كيفية سراية النجاسة

الفصل الثاني

في كيفية سراية النجاسة

 (مسألة 488) : الجسم الطاهر إذا لاقى الجسم النجس، لا تسري النجاسة إليه، إلا إذا كان في أحدهما رطوبة مسرية أي ناقلة للنجاسة، فإذا كان الجسمان يابسين أو نديين جافين لم تحصل السراية.

(مسألة 489) : المائع غير الرطب، كالمعادن المذابة والزئبق لا تتنجس بملاقاة النجاسة، أمّا المعادن السائلة كالنفط والغاز السائل والبنزين وغيرها، فإنّها تتنجس بمجرد الملاقاة.

(مسألة 490) : الفراش الموضوع في أرض السرداب ونحوه إذا كانت الأرض متنجسة، لا ينجس وإن سرت رطوبة الأرض إليه وصار ثقيلاً بعد أن كان خفيفاً فإنّ مثل هذه الرطوبة غير المسرية لا توجب سراية النجاسة. وكذلك جدران المسجد المجاور لبعض المواضع النجسة مثل الكنيف ونحوه، فإنّ الرطوبة السارية منها إلى الجدران ليست مسرية ولا موجبة لنجاستها، وإن كانت مؤثرة في الجدار على نحو تؤدي إلى الخراب. وإذا لم تتنجس يكون من الواضح أنّها لا توجب نجاسة ملاقيها ولو برطوبة مسرية.

(مسألة 491) : يشترط في سراية النجاسة في المائعات بأن لا يكون المائع متدافعاً نحو النجاسة، وإلا اختصت النجاسة بموضع الملاقاة. وتسري إلى ما اتصل به من الأجزاء ما دام متدافعاً. لا فرق في ذلك بين اتجاه التدافع ولا في سرعته ما دام يصدق التدافع. ولا بين الماء المطلق القليل وسائر المائعات المضافة. ومعه فإذا صب من الإبريق على شيء نجس لا تسري النجاسة إلى العمود فضلاً عن الإبريق. سواء كان في الإبريق ماء مطلق أو غيره.

(مسألة 492) : الأجسام الجامدة إذا لاقت النجاسة مع الرطوبة المسرية تنجس موضع الاتصال، أمّا غيره من الأجزاء المجاورة له فلا تسري النجاسة إليه، وإن كانت الرطوبة المسرية مستوعبة للجسم كالخيار أو البطيخ أو نحويهما إذا لاقتهما النجاسة يتنجس موضع الاتصال لا غير، وكذلك بدن الإنسان إذا كان عليه عرق ولو كان كثيراً فإنّه إذا لاقى النجاسة تنجس الموضع الملاقي لا غير، إلا أن يجري العرق المتنجس على الموضع الآخر فإنّه ينجسه أيضاً بالتفصيل الذي سنذكره عن المتنجّس الأول والثاني.

(مسألة 493) : يشترط في سراية النجاسة في المائعات أن لا يكون المائع غليظاً، وإلا اختصت بموضع الملاقاة لا غير، فالدبس الغليظ والدهن الجامد إذا أصابته النجاسة لم تسر النجاسة إلى تمام أجزائه، بل يتنجس موضع الاتصال لا غير. وكذلك اللبن الخاثر والعسل والسمن ما دامت غليظة. وأمّا إذا كان المائع رقيقاً سرت النجاسة إلى كل أجزائه كالسمن السائح والحليب.

(مسألة 494) : الحد في غلظ المائع ورقته هو أنّ المائع إذا كان بحيث لو أخذ منه شيء أو ضغط بالإصبع مثلاً، لم يمتلئ مكانه فوراً، وإن امتلأ مكانه بمجرد الأخذ فهو رقيق.

(مسألة 495) : المتنجس الثاني لا ينجّس: المتنجس بملاقاة عين النجاسة كالنجس ينجس ما يلاقيه مع الرطوبة المسرية، وهو المعروف بالمتنجّس الأول وهو ينجّس ملاقيه – عدا الماء القليل كما في المسألة الابتلائية الآتية- الذي يعرف بالمتنجّس الثاني مع الرطوبة المسرية، ولكن المتنجس الثاني لا ينجّس. لا فرق في ذلك بين الجوامد والسوائل الطاهرة لو فرضت مجرد الملاقاة.

إيضـاح: فلو فرض أنّ طفلاً بال على أرض وأزيلت العين بواسطة قطعة قماش، فإنّ الأرض متنجس أول فلو كانت قدم أحد رطبة ولامس تلك البقعة ثم وضعها على الفراش فإنّ القدم متنجّس ثانٍ، يجب تطهيرها قبل الصلاة لكنها لا تنجس ملاقيها كالفراش.

ويلاحظ هنا إنّ المتنجس الأول يجب أن لا يكون حاملاً للنجاسة ليكون كذلك، وإذا كان حاملاً لها فإنّ ملاقيه سيكون متنجساً أولاً أيضاً لأنّه سيلاقي عين النجاسة المحمولة فيه، فمثلاً لو سقطت قطرة ماء على نفس البول وقفزت منه فإنّها تكون حاملة للعين وسيكون ملاقيها متنجساً أولاً.

مسألة إبتلائية

لا يتنجس الماء القليل بملاقاة المتنجس مطلقاً حتى المتنجس الأول اذا كان خالياً من عين النجاسة وإنما يتنجس بملاقاة عين النجاسة فقط.

مثال توضيحي: لو بال الطفل على الأرض أو سقطت قطرة دم ومسحت عين النجاسة بقطعة قماش حتى زالت فان هذه الأرض تكون متنجسة خالية من عين النجاسة وحينئذٍ لو وقع ماء من اناء او من شخص يغسل وجهه أو يديه على هذه الأرض فانه لا يتنجس ولا يجب التحرز منه لأنه لا ينجّس ما يلاقيه من بدن أو ثوب وغيرهما.

ولا شك ان هاتين المسالتين ستعالج مشكلة كبيرة يعاني منها المؤمنون وفقنا الله تعالى وإياهم إلى ما يحب ويرضى.

(مسألة 496) : يحكم بنجاسة الشيء أو طهارته باعتبار اليقين بها أو الاطمئنان أو الوثوق على الأقوى، أو بإخبار ذي اليد وبشهادة العدلين بل العدل الواحد الموثوق بقوله، بل بإخبار مطلق الثقة على الأظهر. وكذلك تثبت النجاسة والطهارة بالاستصحاب وهو البناء على الحالة السابقة مع الشك في تغيرها، كما تثبت الطهارة بأصالة الطهارة مع الشك فيها.

(مسألة 497) : ما يؤخذ من أيدي الكافرين من الخبز والزيت والعسل ونحوها من المائعات والجامدات طاهر، إلا أن يعلم بمباشرتهم له بالرطوبة المسرية مع الحكم بنجاستهم، وكذلك ثيابهم وأوانيهم. والظن بالنجاسة لا عبرة به. ولكن الاجتناب أوفق بالاحتياط الاستحبابي الأكيد.