في تعداد الأعيان النجسة

المبحث السادس: الطهارة من الخبث

وفيه فصول:

الفصل الاول

في تعداد الأعيان النجسة

وهي أحدى عشرة :

الأول والثاني: البول والغائط من الإنسان ومن كل حيوان برياً كان أو بحرياً، سواء أكان خروجهما من القُبُل والدُبُر أو من غيرهما بصورة اعتيادية أو غير اعتيادية، ويستثنى من ذلك فضلات ثلاثة أصناف من الحيوان:

1- الحيوان المأكول لحمه شرعاً، سواء كان من الطيور أم من سائر الأصناف، كالغنم والبقر والإبل والخيل والبغال والدجاج وغير ذلك، شريطة أن لا يصبح جلاّلاً بالعيش على العذرة وإلا حرم أكله وأصبحت فضلاته نجسة مادام متصفاً بالعنوان، وكذلك البهيمة التي وطأها الإنسان.

2- الطيور بكل أصنافها من المأكول وغيره، والاحتياط بالبناء على نجاسة فضلات غير المأكول حسن.

3- الحيوان الذي ليس له نفس سائلة. وسيأتي شرحها بإذن الله تعالى.

(مسألة 456) : ما يشك في أنّه له نفس سائلة محكوم بطهارة فضلاته، وكذا ما يشك في أنّه محلل الأكل أو محرمه.

(مسألة 457) : حيوانات البحر مشمولة لنفس الحكم. فما كان منها مأكولاً أو ليس له نفس سائلة أو يشك في ذلك، فهو طاهر الفضلات. وإلا فهو نجس.

(مسألة 458) : ما يكون حشرة مشمول لنفس الحكم، سواء الطائر منها والماشي. فإنّها جميعاً محرمة الأكل، فما كان منها ذو نفس سائلة كالفأرة، فبوله وخرؤه نجس دون ما يشك به أو يعلم بعدمه. وكذلك الحال في الأفاعي والزواحف وأمثالها.

(مسألة 459) : المراد بالنفس السائلة ما يخرج الدم عند قطع أوداجه بتدفق ولو قليلاً. وأمّا ما يكون بتقاطر ورشح فليس له نفس، فضلاً عما ليس له أوداج، كأكثر الحشرات والزواحف وحيوانات البحر، فضلاً عما ليس له دم أو ليس له لحم عرفاً، كالقشريات والحشرات وغيرها.

(مسألة 460) : الإنسان بكل أصنافه محرم الأكل وله نفس سائلة فبوله وخرؤه نجسان.

الثالث: المنيّ من كل حيوان له نفس سائلة وإن حل أكل لحمه،  وأمّا منيّ ما لا نفس له سائلة فطاهر، والمنيّ هو مادة التوالد وإن لم يكن على شكل منيّ الإنسان، كما لو كان أخف أو أرق منه فيشمله الحكم على الأحوط.

الرابع: الميتة من الحيوان ذي النفس السائلة وإن كان محلل الأكل، وكذا أجزاؤها المبانة منها وإن كانت صغاراً. ونقصد بالميتة كل حيوان مات من دون تذكية شرعية، سواء مات موتاً طبيعياً أو قتلاً أو خنقاً أو ذبحاً على وجه غير شرعي، على أنّ التذكية الصحيحة شرعاً لا تنحصر بقطع الأوداج الأربعة، بل تعم غيرها، كما هو معلوم من كتاب الصيد والذباحة.

(مسألة 461) : الجزء المقطوع من الحي بمنزلة الميتة من حيث النجاسة أمّا وجوب غسل المس فقد تقدّم تفصيل أحكامه بملامستها، ويستثنى من ذلك الثألول والبثور، وما يعلو الشفة أحياناً، والقروح ونحوها عند البرء، وقشور الجرب ونحوه، المتصل بما ينفصل من شعره وما ينفصل بالحك ونحوه ومن بعض الأبدان فإنّ ذلك كله طاهر إذا فصل من الحي.

(مسألة 462) : أجزاء الميتة غير النجسة ذاتاً إذا كانت مما لا تحلها الحياة طاهرة. وهي الصوف والشعر والوبر والريش والبيضة إذا اكتست القشر الأعلى وإن لم يتصلب. وأمّا العظم بأصنافه فالأحوط الاجتناب عنه لأنّه مما تحله الحياة، كالظفر والسن والقرن الداخلي والمخلب. إلا  أن يكون مما نعلم أنّه لا تحله الحياة أو نشك في ذلك، كالقرن الخارجي والظلف الخارجي والمنقار. والفرق بين القسمين هو الشعور بالألم عند قطعه باعتبار وجود الأعصاب فيه.

(مسألة 463) : فأرة المسك طاهرة إذا انفصلت من الضبي الحي، دون ما إذا انفصلت عن الميت على الأحوط. ومع الشك في ذلك يبني على الطهارة وأمّا المسك فطاهر على كل حال، إلا أن يعلم برطوبته المسرية حال موت الضبي، ففيه إشكال. وفأرة المسك هي جلدة في الغزال فيها ما يشبه الدم طيب الرائحة.

(مسألة 464) الأنفحة طاهرة : الانفحة المأخوذة من الميتة طاهرة بعد أن يغسل ظاهرها لاتصاله بالأجزاء النجسة من الميتة، ويراد بالأنفحة معدة الجدي الرضيع قبل أن يأكل فتسمى كرشاً، فقد جرت العادة عند أصحاب المواشي أن يأخذوها ويعصروها في شعرة مبتلة باللبن فتجمد كالجبن، وكذا يحكم بطهارة اللبن في الضرع إذا كان من الحيوان الذي يؤكل لحمه ولا ينجس بملاقاة الضرع، وأمّا إذا كان من الحيوان الذي لا يؤكل لحمه فهو نجس.

(مسألة 465) : ما ذكرناه من مستثنيات الميتة في المسائل السابقة إنّما هو ميتة طاهر العين، أمّا ميتة نجس العين فلا يستثنى منها شيء.

(مسألة 466) : ميتة ما لا نفس له سائلة طاهرة كالوزغ والعقرب والسمك، ومنه الخفاش على ما قضى به الاختبار. وكذا ما يشك في أنّه له نفس سائلة أم لا.

(مسألة 467) : المراد من الميتة ما استند موته إلى أمر آخر غير التذكية على الوجه الشرعي، بما فيها التذكية غير الجامعة لشرائط الصحة.

(مسألة 468) : ما يؤخذ من يد المسلم أو سوقهم من اللحم والشحم والجلد، إذا شك في تذكية حيوانه فهو محكوم بالطهارة والحلية ظاهراً، بل لا يبعد ذلك حتى لو علم بسبق يد الكافر عليه إذا احتمل إنّ المسلم قد أحرز تذكيته على الوجه الشرعي. وكذا ما صنع في أرض الإسلام أو وجد مطروحاً فيها، إذا كان عليه أثر الاستعمال منهم الدال على التذكية مثل ظروف السمن واللبن، لا مثل ظروف العذرات والنجاسات.

(مسألة 469) : المذكورات إذا أخذت من أيدي الكافرين محكومة بالطهارة أيضاً إذا احتمل أنّها مأخوذة من المذكى. لكن لا يجوز أكلها ولا الصلاة فيها ما لم نحرز أخذها من المذكى، ولو من جهة العلم بسبق يد المسلم عليها.

(مسألة 470) : السقط قبل ولوج الروح نجس، وكذا الفرخ في البيض إذا حصل له لحم وعظم عرفاً، على الأحوط وجوباً فيهما.

الخامس: الدم من الحيوان ذي النفس السائلة، أمّا دم ما لا نفس له سائلة، كالسمك فهو طاهر. فضلاً عن الحيوان الذي ليس له دم عرفاً كالحشرات وغيرها.

(مسألة 471) : ما مصه البق والبرغوث من جسم الإنسان، طاهر إن كان معدوداً عرفاً جزءاً من هذه الحشرة. وبخلافه فهو نجس، كما لو كان دم كثير في داخلها، أو كانت لا زالت تمص من الجسد. وأمّا ما يمصه العلق أو غيره من الدم فهو نجس مطلقاً.

(مسألة 472) : إذا وجد في ثوبه مثلاً دماً لا يدري أنّه من الحيوان ذي النفس السائلة أو من غيره، بنى على طهارته. وكذلك لو شك أنّه منه أو من الحيوان غير ذي النفس، بما فيه البرغوث إذا صدق عرفاً أنّه دمه، كما سبق.

(مسألة 473) : دم العلقة المستحيلة من النطفة، في الحيوان ذي النفس السائلة بما فيها الإنسان، نجس.

(مسألة 474) الدم الذي في البيضة : الدم الذي يكون في البيضة طاهر على الأظهر ولكن تناوله غير جائز، فيجب اجتنابه ولو بفصل البياض عن الصفار  ما لم يستهلك فيها.

(مسألة 475) : الدم المتخلف في الذبيحة بعد خروج ما يعتاد خروجه منها بالذبح أو بأي تذكية صحيحة، طاهر. إلا أن يتنجس بنجاسة خارجية مثل السكين التي يذبح بها أو الدم الذي خرج من المذبح أولاً.

(مسألة 476) : إذا خرج من الجرح أو الدمل شيء أصفر يشــك في أنّه دم أم لا حكم بطهارته، وكذا إذا شك من جهة الظلمة أو ضعف البصر، أنّه دم أو قيح، ولا يجب عليه الاستعلام وكذلك إذا حك جسده فخرجت رطوبة يشك في أنّها دم أو ماء أصفر، يحكم بطهارته.

(مسألة 477) : الدم يكون طاهراً في باطن الجسم، فلو لاقاه شيء هناك وخرج غير ملوث به فإنّه لا يتنجس، والدم الخارج من اللثّة إذا كان في باطن الفم مستهلكاً في اللعاب فيجوز بلعه.

(مسألة 478) : الدم الذي قد يكون في اللبن عند الحلب نجس ومنجس للبن.

(مسألة 479) : أشرنا في باب الوضوء إلى أنّ الدم بطول المدة قد يصبح كالجلد فيطهر بالاستحالة. وحينئذ يمكن تطهير الموضع احتياطاً والوضوء عليه ولا ينجس ملاقيه، ولا تجب إزالته وإن سهلت.

السادس والسابع: الكلب والخنزير البريان بجميع أجزائهما وفضلاتهما ورطوبتهما، دون البحريين.

(مسألة 480) : إذا وجد بالتوالد مع نوع آخر من الحيوان ما يصدق عليه الكلب أو الخنزير شمله الحكم، دون ما لا يصدق أو يشك به.

(مسألة 481) : لا فرق في الكلب والخنزير بين البري والأهلي والوحشي ولا بين الصغير والكبير. ولا فرق بين ما يجوز بيعه من الكلاب وما لا يجوز.

الثامن: المسكر المائع بالأصالة دون الجامد كالحشيشة وإن غلى وصار مايعاً بالعرض. على أن يكون المايع يصدق عليه اسم الخمر عرفاً مهما كان منشأ اتخاذه. وما لايصدق عليه اسم الخمر كبعض السوائل الصناعية التي يكون الكحول مكوناً رئيساً فيها فلا يحكم بنجاستها أمّا من حيث الحرمة فكل مسكر حرام.

(مسألة 482) السبيرتو والكحول في العطور طاهر: في ضوء ما تقدم فإنّ السبيرتو المستخدم في صبغ الأخشاب وغيرها من الاستعمالات وكذا الكحول الداخل في صناعة الأدوية والعطور ونحوها طاهر.

(مسألة 483) : العصير العنبي إذا غلى بالنار ونحوها، فالظاهر بقاؤه على الطهارة وإن صار حراماً ما لم يسمَّ خمراً عرفاً، فإذا ذهب ثلثاه بالنار صار حلالاً. والأحوط عدم كفاية غير النار في ذهاب الثلثين. ويلحق بالنار كل مصدر للحرارة العالية أمّا إذا تعرض العصير إلى حالة النشيش من تلقاء نفسه أو بحرارة هادئة وبدأت فيه حالة التخمر المحرمة بدخول اليوم الثالث كمعدّل، فإنّه يكون حراماً ونجساً.

(مسألة 484) : العصير الزبيبي والتمري لا ينجس ولا يحرم بالغليان بالنار، فضلاً عما إذا لم يصدق الغليان، فيجوز وضع التمر والزبيب والكشمش في المطبوخات مثل المرق والمحشي والطبيخ وغيرها وكذا دبس التمر بأنواعه.

التاسع: الفقاع وهو شراب مخصوص متخذ من الشعير، وليس منه ماء الشعير الذي يصفه الأطباء. وأمّا الشراب المتخذ من غيره فهو طاهر إلا أن يصدق عليه اسم الخمر عرفاً.

العاشر: الكافر - على الاحوط وجوباً-، وهو من لم ينتحل ديناً أو انتحل ديناً غير التوحيد، أو انتحل الإسلام وجحد ما يعلم أنّه من الدين الإسلامي، بحيث رجع جحده إلى إنكار الرسالة أو تكذيب نص القران الكريم. وإنكار المعاد يوجب الكفر مطلقاً. ولا فرق في الكافر بين الأصلي والمرتد ولا في المرتد بين الفطري والملّي.

(مسألة 485) : الأحوط إلحاق من حكم بكفره من فرق المسلمين بالنجاسة بإنكاره لشيء مما تقدم كمن يبغض أهل البيت (سلام الله عليهم)، وينصب الحقد والعداوة لهم، لأنّه منكر لنص قرآني (قُل لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ ) (الشورى : 23).

(مسألة 486) طهارة أهل الكتاب : وهم اليهود والنصارى خاصة محكوم بطهارتهم الذاتية. فإذا طهر الكتابي نفسه فسؤره طاهر ويجوز أكل الطعام الذي يباشره ويجري فيه استصحاب الطهارة حتى نعلم عرفاً بالنجاسة، ولا فرق في ذلك بين فرقهم المذهبية ولا بين كونهم حربيين أو ذميين ولا بين كونهم ملتزمين بديانتهم الأصلية أو المختلفة أم لا.

(مسألة 487) : عرق الجنب من الحرام طاهر، ولكن لا تجوز الصلاة في ما لامسه على الأحوط، ويختص الحكم بما كانت الجنابة حراماً بالأصل كالزنا واللواط والاستمناء، دون العارض كمجامعة الحائض والمُحرِم والصائم.

الحادي عشر: عرق الإبل الجلالة، وغيرها من الحيوان الجلال.