في الغسل

الفصل الثاني

في الغسل

 تجب إزالة النجاسة عن جميع جسد الميت قبل الشروع بالغسل على الأحوط. والأقوى كفاية إزالتها عن كل عضو قبل الشروع فيه، ولا يكفي الإزالة بنفس الغسل.

(مسألة 284) : يغسل الميت ثلاثة أغسال:

الأول: بماء السدر .

الثاني: بماء الكافور.

الثالث: بالماء الصافي، كل واحد منها كغسل الجنابة الترتيبي. ولابد فيه من تقديم الجانب الأيمن على الأيسر ومن النية على ما عرفت في الوضوء.

(مسألة 285) : إذا كان المغسل غير الولي فلا بد من إذن الولي مع إمكانه، بحيث لا يؤدي إلى التأخير الكثير المسبب فساد البدن أو الوقوع في ذلة غير مناسبة للميت. والولي هو الزوج بالنسبة إلى الزوجة، ثم الطبقة الأولى في الميراث وهم الأبوان والأولاد، ثم الثانية وهم الأجداد والأخوة، ثم الثالثة وهم الأعمام والأخوال، ثم المولى المعتق، ثم ضامن الجريرة، ثم الحاكم الشرعي على الأحوط وجوباً.

(مسألة 286) : البالغون في كل طبقة مقدمون على غيرهم. وفي تقديم الأب في الطبقة الأولى على الأولاد، والجد على الأخ، والأخ من الأبوين على الأخ من أحدهما، والأخ من الأب على الأخ من الأم، والعم على الخال إشكال. والأحوط الاستئذان من الطرفين، وهو احتياط وجوبي في الأخوة مع اختلاف الانتساب وأمّا في صورة الأب والجد فهو استحبابي.

(مسألة 287) : إذا تعذر استئذان الولي لعدم حضوره مثلاً أو امتنع عن الإذن أو عن مباشرة التغسيل، وجب تغسيله على غيره ولو بلا إذن.

(مسألة 288) : إذا أوصى أن يغسله شخص معين لم يجب عليه القبول إذا كان بالإمكان الإيصاء إلى غيره ولم يكن في القبول حرج عليه، لكن إذا قبل لم يحتج إلى إذن الولي، وإذا أوصى أن يتولى تجهيزه شخص معين جاز له رد الوصية في حياة الموصي وليس له الرد بعد ذلك إلا في الظرف المتقدم، ولكنه إذا لم يرد وجب الاستئذان منه دون الولي.

 

شروط الغسل

(مسألة 289) : تجب على المغسِّل المباشر النية بعناصرها المصححة لها، وهي قصد القربة لله تعالى والإخلاص فيها، أي عدم خلطها بما يشوبها من رياء ونحوه، وأن يكون ملتفتاً إلى ما يفعل، ولو اضطر إلى أن يتولى الغسل غير المسلم فيتولاها الآمر له.

(مسألة 290) : يجب في التغسيل طهارة الماء وإباحته، وإباحة السدر والكافور، بل الفضاء الذي يشغله الغسل على الأحوط، ومجرى الغسالة على الأحوط استحباباً، ومنه السدة التي يغسل عليها إذا كان ماء الغسل يجري عليها، أمّا إذا كان لا يجري عليها فمع عدم الانحصار يصح الغسل عليها، أمّا معه فيسقط الغسل، لكن إذا غسل حينئذ صح الغسل. وكذلك التفصيل في ظرف الماء إذا كان مغصوباً.

(مسألة 291) : يجزي تغسيل الميت قبل برده بعد إحراز خروج روحه.

(مسألة 292) : إذا تعذر السدر والكافور، فالأقوى وجوب تغسيله ثلاث مرات بالماء الصافي، وينوي في الأوّلين البدلية عن الغسل بالسدر والكافور، والأحوط استحباباً ضم التيمم إليهما. ومنه يتضح حكم ما لو تعذر أحدهما.

(مسألة 293) : يعتبر في كل من السدر والكافور أن لا يكون كثيراً بمقدار يوجب خروج الماء عن الإطلاق إلى الإضافة، ولا قليلاً بحيث لا يصدق أنّه مخلوط بالسدر والكافور. ويعتبر في الماء القراح أن يصدق خلوصه منهما، فلا بأس بأن يكون فيه شيء منهما إذا لم يصدق الخلط. ولا فرق في السدر بين اليابس والأخضر مع صدق الخلط.

(مسألة 294) : إذا تعذر الماء أو خيف تناثر لحم الميت بالتغسيل - ولو قليلاً- يمّم على الأحوط وجوباً ثلاث مرات، ينوي بكل واحد منها ما في الذمة أو رجاء المطلوبية، وينوي في الأول البدلية عن الغسل الأول، وفي الثاني عن الثاني، وفي الثالث عن الثالث.

(مسألة 295) : يجب على الأحوط الجمع بين أن يكون التيمم بيد الميت مع الإمكان وبيد الحي.

(مسألة 296) : يشترط في الانتقال إلى التيمم الانتظار إذا احتمل تجدد القدرة على التغسيل، فإذا حصل اليأس جاز التيمم. لكن إذا اتفق تجدد القدرة قبل الدفن وجب التغسيل، وكذا إذا تجددت بعد الوضع في القبر. وإذا تجددت بعد الدفن لم يجب. وكذا الحكم فيما إذا تعذر السدر والكافور.

(مسألة 297) : إذا تنجس بدن الميت بعد الغسل أو في أثنائه بنجاسة خارجية أو منه وجب تطهيره، ولو بعد وضعه في القبر، نعم، لا يجب ذلك بعد الدفن.

(مسألة 298) : إذا خرج من الميت بول أو منيّ لا تجب إعادة غسله ولو قبل الوضع في القبر، نعم، يلزم التطهير كما ذكرنا في المسألة  السابقة. ولو خرج في أثناء الغسل فالأحوط استحباباً الإعادة والأحوط منه الإتمام والإعادة.

(مسألة 399) : لا يجوز أخذ الأجرة على تغسيل الميت، ويجوز أخذ العوض على بذل الماء ونحوه مما لا يجب بذله مجاناً.

(مسألة 300) : إذا كان الميت مصاباً بجروح ينزف منها الدم، ولم يمكن الانتظار حتى ينقطع الدم فإن أمكن حشو الجروح وغسل الظاهر بعد التطهير فيجب وإلا جمع بين الغسل بالماء الجاري أو الكثير والتيمم.

 

شروط المغسّل

(مسألة 301) : يجوز أن يكون المغسل صبياً مميزاً إذا كان تغسيله على الوجه الصحيح.

(مسألة 302) : يجب في المغسّل أن يكون مماثلاً للميت في الذكورة والأنوثة، فلا يجوز تغسيل الذكر للأنثى ولا العكس، ويستثنى من ذلك صور:

الصورة الأولى: أن يكون الميت طفلاً لم يتجاوز الست سنوات، فيجوز للذكر والأنثى تغسيله، سواء أكان ذكراً أم أنثى، مجرداً عن الثياب أم لا، وجد المماثل له أم لا. والأحوط اقتصار الجواز على ثلاث سنين.

الصورة الثانية: الزوج والزوجة. فإنّه يجوز لكل منهما تغسيل الآخر، سواء أكان مجرداً أم من وراء الثياب، وسواء وجد المماثل أم لا، من دون فرق بين الدائمة والمنقطعة. وكذا المطلقة الرجعية إذا كان التغسيل في أثناء العدة.

الصورة الثالثة: المحارم بنسب أو رضاع. والأحوط استحباباً اعتبار فقد المماثل وكونه من وراء الثياب.

(مسألة 303) : إذا اشتبه ميت بين الذكر والأنثى لظلام ونحوه، أو لكونه مقطعاً، أو لكونه خنثى مشكل، غسّله كل من الذكر والأنثى من وراء الثياب.

(مسألة 304) : إذا انحصر المماثل بالكافر الكتابي، أمره المسلم أن يتطهر أولاً، ثم يغسل الميت. والمغسل هو الذي يتولى النية بتعليم المسلم إياه، والأحوط استحباباً ضم نية الآمر المسلم. وإذا أمكن التغسيل بالماء المعتصم

- كالكر والجاري- تعين ذلك على الأحوط استحباباً. وإذا أمكن المخالف قدّم على الكتابي، وإذا أمكن المماثل أعاد الغسل على الأحوط وجوباً إذا كان السابق كتابياً، والأحوط استحباباً إن كان السابق مخالفاً.

(مسألة 305) : إذا لم يوجد المماثل حتى المخالف والكتابي سقط الغسل، لكن الاحتياط لا يترك بتغسيل غير المماثل من وراء الثياب من غير لمس ونظر، ثم ينشّف بدنه بعد التغسيل وقبل التكفين.

(مسألة 306) : إذا دفن الميت بلا تغسيل - عمداً أو خطأ - جاز، بل وجب نبشه لتغسيله أو تيممه، ما لم يكن فيه هتك للميت أو ضرر على الأحياء، وكذا إذا ترك بعض الأغسال ولو سهواً أو تبين بطلانها أو بطلان بعضها.

(مسألة 307) : إذا مات محدثاً بالأكبر كالجنابة أو الحيض لم يجب إلا  غسل الميت خاصة.

(مسألة 308) : إذا كان محرماً لا يجعل الكافور في غسله الثاني، بل يغسل بماء خالص بدله، إلا أن يكون موته بعد السعي في الحج أو العمرة، وكذلك لا يحنط بالكافور، بل لا يقرب إليه طيب آخر. ولا يلحق به المعتدة للوفاة والمعتكف.

(مسألة 309) : يجب تغسيل كل مسلم لم يحكم بكفره عدا صنفين:

الأول: الشهيد المقتول في جهاد مشروع في الإسلام. ويشترط أن يكون خروج روحه في المعركة قبل انقضاء الحرب أو بعدها بقليل ولم يدركه المسلمون وبه رمق، فإن أدركه المسلمون وبه رمق وجب تغسيله.

(مسألة 310) إذا كان في المعركة مسلم وكافر واشتبه أحدهما بالآخر وجب الاحتياط بتغسيل كل منهما وتكفينه ودفنه، وكذا لو اشتبه الفرد بين المسلم والكافر، هذا في صورة عدم سقوط الغسل عن المسلم لعدم توفر الشرطين أعلاه.

الثاني: من وجب قتله برجم أو قصاص، فالمشهور أنّه يغتسل غسل الميت المتقدم تفصيله ويحنط ويكفن كتكفين الميت، ثم يقتل فيصلى عليه ويدفن بدون تغسيل. غير أن الأحوط وجوباً - إن حصل ذلك- إعادة كل هذه الوظائف بعد موته. أمّا لو حصل بقتله دم وتخرق الكفن أو نحوه وجب تطهيره وتدارك ذلك بلا إشكال.

(مسألة 311) : قد ذكروا للتغسيل سنناً مثل أن يوضع الميت في حال التغسيل على مرتفع، وأن يكون تحت الظلال وأن يوجه إلى القبلة كحالة الاحتضار، وأن ينزع قميصه من طرف رجليه، وإن استلزم فتقه بشرط إذن الوارث. ويجب أن تستر عورته بنحو لا يمنع من وصول الماء إليها. ويستحب أن تلين أصابعه برفق وكذا جميع مفاصله مع الإمكان، وأن يغسل رأسه برغوة السدر وفرجه بالأشنان، وأن يبدأ بغسل يديه إلى نصف الذراع في كل من الغسلات الثلاث ثلاث مرات، ثم بشق رأسه الأيمن ثم الأيسر. ويغسل كل عضو ثلاثاً في كل غسل، ويمسح بطنه في الأوّلين، إلا  الحامل التي مات ولدها في بطنها فيكره ذلك، وأن يقف الغاسل على الجانب الأيمن للميت، وأن يحفر للماء حفيرة خاصة به ولا يسلط على الكنيف، وأن ينشف بدن الميت بثوب نظيف أو نحوه وذكروا أيضاً: أنّه يكره إقعاده وترجيل شعره وقص أظافره وحلق رأسه أو عانته أو شاربه. بل الأحوط وجوباً ترك القص والحلق ويدفن بالجسم الذي مات به، ويكره جعل الميت بين رجلي الغاسل وتخليل ظفره، ما لم تتوقف عليه صحة الغسل، وغسله بالماء الساخن بالنار، بل مطلقاً إلا  مع الاضطرار، والتخطي عليه حين التغسيل.