بسم الله الرحمن الرحيم
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ)
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله كما هو أهله وصلى الله على سادة خلقه وأكرمهم عنده محمد وآله الطيبين الطاهرين
تعبّر الرسالة العملية للفقيه عن الأحكام الشرعية بحسب ما ادّى إليه نظره واجتهاده في مصادر التشريع الإسلامي - الكتاب الكريم والسنة الشريفة- في ضوء القواعد والآليات المعتبرة لاستنباط الحكم الشرعي.
وقد شهدت الرسائل العملية تطورا في الشكل والمضمون مع تطور العلوم التي يعتمد عليها الفقيه للوصول الى الحكم الشرعي وعلى رأسها علما الفقه وأصوله، وقد كتبت بلغة رصينة عميقة تناسب الرصانة والإبداع الذي وصلت اليه تلك العلوم، فهي تكشف بحق عن بلوغ مؤلفيها أسنى المراتب العلمية وتمثل خلاصة جهود المجتهدين وإبداعاتهم وإسهاماتهم العلمية.
ومن الطبيعي في كل علم أن تكون له لغته ومصطلحاته وأسلوبه الذي لا يتيسر لكل أحد أن يفهمه إلا من حاز على ثقافة كافية في ذلك العلم، ولم يشذّ علم الفقه عن هذه الطريقة لذا لا يمكن تسطيح الرسائل العملية وتبسيطها على حساب مقومات العلم وعناصره، فأي دعوة للتحديث والتجديد لابد أن تفهم ضمن هذا الإطار، ولذا نبهنا في دعوتنا لتأسيس ما سميناه (الفقه الاجتماعي)(1) الذي ينظم الأحكام الشرعية في إطار نظم اقتصادية وسياسية واجتماعية وإنسانية وغيرها، أنها خطوة لاحقة للرسائل العملية المتعارفة.
ولقد سرنا في هذه الرسالة الشريفة على منهج فقهائنا المعاصرين ومنهاجهم (قدس الله أرواحهم جميعاً) وراعينا فيها نوع الأمثلة المناسبة للثقافة المعاصرة وتوضيح بعض المسائل.
كما إننا حاولنا في كتاب (الاجتهاد والتقليد) أن نعطي نموذجاً للعرض المناسب للأجيال المعاصرة وللتأسيس للجانب السياسي من الفقه الاجتماعي.
كما أودعناها بعض المواعظ والفوائد الروحية والاجتماعية لإشباع كل أبعاد الحكم الشرعي، فان المستفاد من البيان الإلهي في القرآن الكريم والأحاديث الشريفة عن المعصومين (عليهم السلام) هو عدم الاكتفاء ببيان الحكم، وإنما حشد كل المؤثرات العقلية والنفسية والقلبية لإقناعه به وتحريكه نحو الالتزام والتطبيق، وهو ما نحتاجه فعلا لأننا نرى الكثير من المنحرفين عن الشريعة لا ينقصهم معرفة الحكم كوجوب الصلاة وحرمة السفور وإنما يفتقدون الإرادة الصادقة للالتزام.
الطبعة السادسة مزيدة ومنقحة
آذار 2024 - رمضان 1445
نسخة 38
(1) راجع فصلي (دليل سلوك المؤمن) و(الجاهلية الحديثة وأسلوب مواجهتها) في كتاب (الشهيد الصدر الثاني (قدس سره) كما اعرفه ) وبحث (الأسس العامة للفقه الاجتماعي).