فيما يجب فيه

المبحث الأول : فيما يجب فيه

وهي أمور:

الأول: الغنائم المنقولة المأخوذة بالقتال من الكفار الذين يحل قتالهم إذا كان بإذن الامام (عليه السلام). او نائبه الجامع للشرائط.

(مسألة 1478) : المال المأخوذ من الكفار الحربيين على نحوين: ما يعتقده الفرد منهم محل استحقاق للمسلم وما لا يعتقده كذلك. فالأول يجوز أخذه ولو لم يكن مستحقاً في شرعنا كما لو كان فائدة ربوية أو دعوى قضائية. وفيه خمس الفائدة وليس خمس الغنيمة لأنه لم يؤخذ بقتال. وأما الثاني كالأخذ بوجه مخالف لقوانينهم لمن منحوه اللجوء في بلدانهم فيتوقف جوازه على أذن الحاكم الشرعي. وبالنسبة إلينا فنحن نمنع عن ذلك لوجود مفاسد اجتماعية مهمة فيه.

(مسألة 1479) : لا يعتبر في وجوب الخمس في الغنيمة، بلوغها عشرين دينارا على الأصح. نعم يعتبر فيها إلا تكون غصبا من مسلم أو غيره، ممن هو محترم المال كالذمي، وإلا وجب ردها على مالكها. أما إذا كان في أيديهم مال للحربي بطريق الغصب أو الأمانة أو نحوها، جرى عليها ما ذكرناه من الحكم في المسألة السابقة.

(مسألة 1480) : ما قلناه في المسألتين السابقتين في أموال الكفار الحربيين، يأتي في أموال المسلمين المحكوم بكفرهم والنواصب والخوارج واضرابهم. فإن اخذ بشكل مشروع وجب فيه الخمس من باب الفائدة، وان اخذ بالحرب كان الخمس من باب الغنيمة. وعلى أي حال يجب الخمس بغض النظر عن سببه. لكن هذا الحكم مما نمنع من تطبيقه في الظروف التي نعيشها لان تحديد موضوعه مما يخفى على عامة الناس بل يتسامحون في تطبيقه بحسب أهوائهم ويفسدون من حيث يظنون أنهم يصلحون.

الثاني: المعدن: كالذهب والفضة والرصاص والنحاس والعقيق والفيروز والياقوت والكحل والملح والقير والكبريت ونحوها. بعد فرض إمكان تملكها الشخصي، اما اذا تحوّلت بعض المعادن كالنفط الى ثروة عامة ملك للشعب فلا يصح تملكها اصلاً، والمهم صدق المعدن، سواء كان سائلا ام جامدا، وسواء كان على سطح الأرض أم في باطنها، وسواء اخذ من ارض مملوكة أم من ارض مباحة. والأحوط وجوباً إلحاق مثل الجص والنورة يعني ترابهما ولو قبل الطبخ وحجر الرحى وطين الغسل، ونحوها مما يصدق عليه اسم الارض، وكان له خصوصية في الانتفاع به.

(مسألة 1481) : لا فرق في المعدن بين أن يكون المخرج مسلما أم كافرا، صبيا أم بالغا، عاقلا أم مجنونا، ذكرا أم أنثى، حراً أم مملوكاً.

(مسألة 1482) : يشترط في وجوب الخمس في المعدن النصاب وهو قيمة عشرين دينارا. والدينار مثقال شرعي من الذهب المسكوك وهو ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي، الذي زنته (6,4) غرام، سواء كان المعدن ذهباً أم فضة أم غيرهما. والأحوط أن لم يكن أقوى كفاية بلوغ المقدار المذكور، ولو قبل استثناء مؤونة الإخراج والتصفية. فإذا بلغ ذلك اخرج الخمس من الباقي بعد استثناء المؤونة. والأحوط استحباباً أن يكون النصاب ديناراً واحداً، كما أن الأحوط استحباباً دفع الخمس منه مطلقاً.

(مسألة 1483) : يعتبر في بلوغ النصاب وحدة العمل على إخراج المعدن. فإذا أخرجه دفعات في عمل واحد عرفاً ليوم أو لشهر أو لموسم أو لسنوات كفى بلوغ المجموع النصاب. نعم، إذا أهمل العمل مدة طويلة ولو لظروف محيطة به بحيث لا يعدّ عمله عرفاً في إخراج المعدن لا يضم اللاحق إلى السابق. ولو لم يؤثر إعراضه في وحدة العمل أو الإخراج، كفى بلوغ المجموع النصاب.

(مسألة 1484) : إذا اشترك جماعة في إخراج المعدن اختلف الحكم باختلاف القصد في نية التملك. فان قصد الكل نية التملك لواحد بعينه وجب عليه الخمس دون سواه مع توفر النصاب، وان قصد كل واحد التملك لنفسه معزولا عن غيره. اعتبر النصاب في نصيب كل واحد منهم. وان قصد كل واحد التملك بنحو الاشتراك مع غيره في ملكية المعدن فالأحوط اعتبار النصاب في مجموع الحصص. ومنه يظهر الحكم فيما إذا اختلفت هذه القصود لدى العاملين في المعدن.

(مسألة 1485) : المعدن في الارض المملوكة، إذا كان من توابعها عرفا، فهو ملك لمالك الارض وان أخرجه غيره بدون إذنه وعليه الخمس، والأحوط فيما إذا نوى الآخر التملك لنفسه، مراعاة الاحتياط بالمصالحة، وخاصة فيما إذا لم يكن الإخراج بكراهة من المالك.

(مسألة 1486) : إذا كان المعدن في الارض المفتوحة عنوة، التي هي ملك للمسلمين، ملكه المخرج إذا أخرجه بإذن ولي المسلمين على الأحوط وجوباً، وفيه الخمس، وكذلك ما كان في الارض الموات حال الفتح، بدون حاجة إلى الإذن.

(مسألة 1487) : إنما يجب الخمس على المخرج فيما إذا قصد التملك لنفسه ولو ارتكازاً، فان قصد ملكية غيره بعمل مجاني أو باجرة، دخل في ملكية من قصده وعليه الخمس. وان لم يقصد ملكية احد بقي على إباحته العامة، ولا يجب الخمس على احد قبل الحيازة.

(مسألة 1488) : إذا شك في بلوغ النصاب، فالأحوط وجوباً الاختبار مع الإمكان. ومع عدمه لا يجب عليه شيء. وكذا إذا اختبره فلم يحصل له الوثوق بوجود النصاب. وان كان الأحوط  تخميسه مطلقاً.

الثالث: الكنز، وهو المال المذخور في موضع، أرضا كان أم جدارا أم غيرهما فانه لواجده وعليه الخمس. والأحوط شمول الحكم لكل معدن، وان لم يكن من الذهب والفضة المسكوكين، سواء وجده في دار الحرب أم دار الإسلام، مواتا كانت الارض حال الفتح أم عامرة أم خربه باد أهلها، وسواء كان عليه اثر الإسلام أم لم يكن، إلا أن يعلم انه ملك لمسلم فيجب عندئذ دفعه لمالكه بالبحث عنه أو عن ورثته، وان لم يجده فالوارث الامام (عليه السلام) أو وكيله الخاص أو العام.

(مسألة 1489) : يشترط في وجوب الخمس في الكنز بلوغ النصاب، وهو في الذهب: النصاب الأول، وهو عشرون ديناراً أو قيمتها. وفي الفضة: نصابها الأول وهو مئتا درهم أو قيمتها (والدرهم يساوي  من المثقال الصيرفي المساوي (6,4) غرام فيكون وزن الدرهم 2.415 من الفضة الخالصة فالمئتا درهم تساوي 105 مثاقيل صيرفية)، وفي غيرهما: بلوغ قيمة النصاب الأول للذهب، وان كان الأحوط مراعاة اقل النصابين: الذهب أو الفضة، من حيث القيمة، وان بلغ النصاب وجب في الزائد قل أو كثر.

(مسألة 1490) : لا فرق بين الإخراج دفعة أو دفعات ولا يعتبر هنا وحدة العمل كما قلنا في المعدن. بل يعتبر للكنز قيمة واحدة لمجموعه. نعم، يجري هنا استثناء المؤونة، وحكم بلوغ النصاب قبل استثنائها، وحكم اشتراك جماعة فيه إذا بلغ المجموع النصاب، وكذلك قصد التملك لنفسه أو غيره كما تقدم في المعدن.

(مسألة 1491) : إن لم يعلم أن للكنز مالكاً، كما لو كان يحتمل أن يكون من المباحات العامة وهو مذخور صدفة أو بفعل حيوان مثلا، فلا إشكال في جواز تملكه بعد دفع الخمس، وكذا لو علم انه ملك لمن لا حرمة لماله كالكافر الحربي، ويلحق به ما كان عليه علامة سابقة على الإسلام أو دالة على أن مالكه مشرك في أي زمن كان. وكذا لو كان ملكا لشخص من الملل المحكوم بكفرها من منتحلة الإسلام. نعم، لو علم أن للمالك من هؤلاء وارثاً أو أكثر من المسلمين وجب البحث عنهم، ويكون الكنز بمنزلة ما كان في ملك المسلم.

(مسألة 1492): إذا علم إن الكنز لمسلم، بأي سبب حصل له العلم بذلك، فان كان موجودا معروفا له، وبَيَنَّ صفته دفعه إليه، وان كان له ورثة كذلك دفعه إليهم، وان جهل ذلك فالأحوط التعريف به إلى حين حصول اليأس، فان لم يعرف المالك بعد التعريف، أو كان المال مما لا يمكن التعريف به أمكنه أن يطبق عليه ثلاث خصال: أما دفعه إلى الحاكم الشرعي، أو التصدق به بإذنه، أو تملكه بنية الضمان. ولا فرق في ذلك بين أن يكون المسلم قديماً أو حديثاً، وان كان الأحوط استحبابا على أي حال إجراء حكم ميراث من لا وارث له عليه.

(مسألة 1493) : إذا وجد الكنز في الارض المملوكة له، فان ملكها بالإحياء كان الكنز له وعليه الخمس، إلا أن يعلم انه لمسلم موجود أو قديم، فتجري عليه الأحكام المتقدمة. وان ملكها بالشراء ونحوه فالأحوط أن يعّرفه المالك السابق، واحدا كان أم متعددا فان عرفه دفعه إليه، وإلا عرفه الأسبق منه، مع العلم بوجوده في ملكه أو الظن كذلك بمقدار معتد به وهكذا. فان لم يعرفه الجميع فهو لواجده، إذا لم يعلم انه لمسلم موجود أو قديم، وإلا جرت عليه الأحكام المتقدمة. وكذا إذا وجده في ملك غيره، سواء كان تحت يده أو تحت يد مالكه أو يد ثالث. ولا يفرق فيما تحت يده أو غيره ما كان بشكل مشروع كالاجارة، أو غير مشروع كالغصب، فانه يعرفه المالك وذا اليد ويدفعه لمن عرفه. والأحوط وجوبا أن يعرفه السابق من مالك أو ذي يد،  مع العلم بوجوده في ملكه أو الظن بذلك بمقدار معتد به، وهكذا. فان لم يعرفه الجميع فهو لواجده، إلا أن يعلم انه لمسلم موجود أو قديم، فيجزي عليه حكم ما تقدم.

(مسألة 1494) : الأحوط بل الأقوى إلحاق الذمي بالمسلم من حيث الأحكام السابقة، فيما لو علم أو ظن سبق تملكه للكنز.

(مسألة 1495) : إذا اشترى دابة فوجد في جوفها مالا عرفه البائع، فان لم يعرفه كان له. وكذا الحكم في أي حيوان غير الدابة مما كان تحت يد البائع. وكذا لو انتقل الحيوان إليه بمعاملة أخرى كالهبة أو عوض الإيجار وغير ذلك.

(مسألة 1496) : إذا اشترى سمكة ووجد في جوفها مالا فهو له، من دون تعريف. ولا يجب فيما وجده في الدابة أو في السمكة ونحوها الخمس بعنوان الكنز. بل يجري عليه حكم الفائدة والربح.

الرابع: الغوص، وهو ما اخرج من البحر بالغوص كالجواهر مثل اللؤلؤ ونحوها مما كان فيه بالخلقة من غير الحيوان، ولا ما يكون وجوده في البحر كوجوده على الارض كالصخر والحجر المرجاني. فالحيوان مطلقا وجزؤه لا غوص فيه وان اخرج بالغوص. كما أن الساقط في البحر من خارجه كالخاتم والسوار لا يشمله هذا الحكم وان اخرج به، كما أن إخراج الصخور والأتربة أو النباتات البحرية ليس من الغوص أيضا، كما أن ما يؤخذ من ماء البحر بالتحليل ليس غوصاً وان اخرجوا الماء من القعر بسبب الغوص.

(مسألة 1497) : إذا كان شيء موجوداً في البحر بالخلقة، ولكنه يوجد على سطح الماء لا في قعره، فانه لا يشمله حكم الغوص. بخلاف ما لو كان الشيء موجودا في القعر عادة ،ولكنه وجده على السطح صدفة، فأخذه من دون غوص، فالأحوط وجوبا جريان حكم الغوص عليه.

(مسألة 1498) : الأحوط  أن الأنهار العظيمة حكمها حكم البحر بالنسبة إلى ما يخرج منها بالغوص.

(مسألة 1499) : الأحوط  وجوب الخمس في الغوص، وان لم يبلغ النصاب الشرعي له وهو دينار واحد. يعني انه لا نصاب له، بل يجب خمسه قلّ أو كثر، بعد إخراج المؤن.

(مسألة 1500) : لا إشكال في وجوب الخمس في العنبر إن اخرج بالغوص، والأحوط وجوبه فيه إن اخذ من وجه الماء أو الساحل.

(مسالة 1501) : إذا اخرج بآلة من دون غوص فالأحوط وجوباً جريان حكم الغوص عليه إذا كان المخرَج مما يتوفر فيه الشرط.

الخامس: الأرض التي تملّكها الذمي من مسلم، فانه يجب فيها الخمس على الأحوط . ولا فرق بين الارض الخالية إذا كانت مملوكة، وارض الزرع، وارض الدار، وغيرها. ولا يختص الحكم بصورة وقوع البيع على الارض، بل إذا وقع على مثل الدار أو الحمام أو الدكان، وجب الخمس في الارض. كما انه لا يختص الحكم بالشراء بل يجري في سائر المعاملات الاختيارية حتى المجاني منها، كالهبة والصلح، وأما شمول الحكم لسائر الانتقالات الاختيارية، كوقوعها عوض ضمان القرض، أو ضمان الإتلاف ونحوها، فشمول الحكم لها مبني على الاحتياط الاستحبابي.

(مسألة 1502) : إذا كان الانتقال قهريا كالإرث، إذا قلنا بملكية الوارث من حين الوفاة، واسلم قبل القسمة، بحيث ينكشف ملكية الكافر لها بالميراث من حينها كما لا يبعد. ونحوه حكم القاضي الشرعي بالملكية قهرا، أو الولي الشرعي العام أيضا بها. فما دام الانتقال قهريا لم يشمله وجوب الخمس من هذه الناحية.

(مسألة 1503) : إذا اشترى الارض ثم اسلم لم يسقط الخمس. وكذا إذا باعها إلى مسلم، فإذا اشتراها منه مسلم ثانية، وجب خمس آخر. فان كان الخمس الأول قد دفعه من العين، كان الخمس الثاني خمس الأربعة أخماس الباقية، وان كان قد دفع الخمس الأول من غير العين، كان الخمس الثاني من تمام العين، فإذا باعها الذمي على مسلم من الشيعة جاز له التصرف بها من دون إخراج الخمس.

(مسألة 1504) : يختص هذا الحكم بالذمي، ولا يشمل مطلق الكافر، سواء كان كتابيا ام غيره، مرتدا أم أصليا أم محكوما بكفره. وان كان الأحوط جريانه على مطلق الكافر الأصلي، وبخاصة الكتابي وان لم يكن ذميا.

(مسألة 1505) : يتعلق الخمس برقبة الأرض المشتراة، ويتخير الذمي بين دفع خمس العين ودفع القيمة، فلو دفع احدهما وجب القبول. وان لم يدفع الخمس كان للحاكم الشرعي إجباره على ذلك مع الإمكان.

(مسألة 1506) : يدفع هذا المورد من الخمس كغيره إلى الحاكم الشرعي فلا مجال للإشكال الذي يذكر حول من الذي يتولى النية حين الدفع إلى المستحقين.

(مسألة 1507) : إذا كانت الأرض مشغولة بشجر أو بناء، فان اشتراها الذمي على أن تبقى مشغولة فيها باجرة أو مجانا، قوم خمسها كذلك. وان اشتراها على ان يقلع ما فيها قُوِّم، أيضا كذلك. وان اشترى الارض وما عليها، قومت الأرض كذلك، ولم يجب الخمس فيما عليها من هذه الناحية.

(مسألة 1508) : إذا اشترى الذمي الأرض، وشرط على البائع المسلم أن يكون الخمس عليه، فان كان المراد هذا القسم من الخمس صح الشرط، واستحق البائع مجموع الثمن، وتكفل هو بدفع الخمس عن المشتري. وان كان المراد به الخمس بعنوان آخر بطل الشرط، أو رجع إلى أن المبيع أربعة أخماس الارض، فيجب الخمس فيه دون غيره.

(مسألة 1509) : إذا اشترط المشتري الذمي في العقد أن لا يكون في الارض الخمس، أو أن يسقطه الحاكم الشرعي عن ذمته، بطل الشرط.

السادس: المال الحلال المختلط بالحرام بحيث لم يميز ولم يعرف مقداره، ولا أصحابه، فإنه يحل بإخراج خمسه ودفعه إلى الحاكم الشرعي بنية الخمس، والأحوط استحبابا قصد الأعم من رد المظالم والخمس ليصرفه على من ينطبق عليه كلا العنوانين للاستحقاق. وأما لو علم المقدار ولم يعلم المالك، فعليه التصدق به عنه، سواء كان الحرام بمقدار الخمس أم كان اقل منه أم كان أكثر منه، والأحوط وجوباً أن يكون بإذن الحاكم الشرعي. وله أن يقسطه عليه أو يعفيه من بعضه، إن وجد في ذلك مصلحة. وان علم المالك وجهل المقدار تراضيا بالصلح، وان لم يرض المالك بالصلح جاز الاقتصار على دفع الأقل إليه، والأحوط استحبابا دفع أكثر المحتملات إليه. والأحوط مع ذلك الرجوع إلى الحاكم الشرعي لحسم الدعوى. وان علم المكلف بالمالك والمقدار وجب دفعه إليه ويكون التعيين بالقرعة أو التراضي.

(مسألة 1510) : إذا علم قدر المال الحرام ولم يعلم صاحبه بعينه، بل علمه في عدد محصور أعلمهم بالحال، فإن ادعاه أحدهم وأقرّه عليه الباقي واعترفوا بأنه ليس لهم سلّمه إليه ويكون التعيين بالتراضي بينهما، وان ادّعاه أزيد من واحد فإن تراضوا بصلح أو نحوه فهو، وإلا تعيّن الرجوع إلى الحاكم الشرعي في حسم الدعوى، وإن أظهر الجميع جهلهم بالحال أو أنكروه تصدق بالمال عن أصحابه الواقعيين، وإن امتنعوا عن التراضي تعيّن الرجوع إلى الحاكم الشرعي فقد يوقع الرضا بينهم أو يحسمها بالقرعة، وإذا احتمل ملكية البعض دون الجميع فان أمكن استرضاء الجميع وجب وإن لم يمكن عمل بالقرعة.

(مسألة 1511) : في مفروض المسألة السابقة إذا تعذّر السؤال منهم جميعاً لوجود ضرر في ذلك أو لغيبتهم جميعاً وغير ذلك فالحكم في مثله بيد الحاكم الشرعي، وإذا تعذّر السؤال من بعضهم دون بعض، فمن أمكن سؤاله تحلل منه ومن لم يمكن فكالسابق.

(مسألة 1512) : إن علم المالك في عدد غير محصور تصدق به عنه، والأحوط وجوبا أن يكون بإذن الحاكم الشرعي.

(مسألة 1513) : إذا علم إجمالا أن الحرام أكثر من مقدار الخمس، لم يشرع الخمس في تحليله على الأحوط إذا لم يعلم المالك. بل يكون في الذمة كرد للمظالم. ولا يجب عليه الخمس لو علم أن الحرام اقل من الخمس بل يجزئه دفع ما يحصل به العلم إجمالاً ببراءة الذمة.

(مسألة 1514) : إذا كان في ذمته مال حرام فلا محل للخمس. ولكن تارة يعلم جنسه ومقداره وأخرى لا يعلم. وتارة يعلم مالكه في واحد أو في عدد محصور وأخرى لا يعلم. فهنا صور:

الصورة الاولى: إذا علم جنس المال ومقداره، وعرف صاحبه واحدا كان أو متعددا. وجب رده إليه أو إلى ورثته.

الصورة الثانية: إذا علم جنس المال ومقداره، وعرف صاحبه في عدد محصور فالأحوط وجوبا استرضاء الجميع مع الإمكان. وإلا اخذ بالظن الراجح في تعيين المالك، فان تساوى الظن عمل بالقرعة. ومع إمكان استرضاء البعض دون البعض فالأحوط  انجازه.

الصورة الثالثة: أن يعلم جنس المال ومقداره، ويشتبه مالكه في عدد غير محصور. فهو مجهول المالك يطبق عليه حكمه. والاهم فيه هو اخذ الإذن من الحاكم الشرعي.

الصورة الرابعة: إذا علم جنس المال وجهل مقداره، وعرف مالكه، واحداً كان أم متعددا، جاز له دفع المقدار الأقل من حدّي الترديد لإبراء ذمته، ويكون دفع الباقي مبنياً على الاحتياط الاستحبابي.

الصورة الخامسة: إذا جهل مقدار المال وجهل المالك، على انه يعلم به في عدد محصور، ففيها ما قلناه في الصورة الثانية. ولكن يدفع إليهم المقدار الأقل من احتمالات المبلغ، ولا يجب دفع الزائد.

 الصورة السادسة: إذا جهل مقدار المال وجهل المالك، بمعنى تردده في عدد غير محصور، فهو من قبيل مجهول المالك إن كان عينا، ورد المظالم إن كان في الذمة. وعلى أي حال لا يجب عليه دفع الزائد على المقدار الأقل، إلا بنحو الاحتياط الاستحبابي.

الصورة السابعة: أن يجهل جنس المال ومقداره، وكان المال قيمياً، وكانت قيمته في الذمة، فالحكم فيه كما لو عرف جنسه في تفاصيل الصور الثلاث السابقة.

الصورة الثامنة: أن يجهل جنس المال ومقداره، وكان المال مردداً بين أجناس مختلفة سواء كان الجميع قيمياً أو مثلياً أو مختلفاً فان أمكنت المصالحة مع المالك تعين ذلك، وإلا فلا يبعد الرجوع إلى القيمة بما يقطع معه ببراءة الذمّة على أن لا يسبب له ذلك ضرراً أو حرجاً ولو بمعونة القرعة. هذا وأما في أسواقنا الحالية، فالعمل على القيمة فقط. فيكون دفعها مجزيا، مع الاقتصار على الأقل. ويكون دفع الزائد احتياطاً استحبابياً، كما يكون العمل بالقرعة بين الأجناس كذلك.

(مسألة 1515) : إذا ظهر المالك - أي صاحب المال الذي افترض انه محرم لأنه ملك الغير- بعد دفع الخمس، في مورد اجتزائه، فالظاهر عدم الضمان له.

(مسألة 1516) : إذا ظهر المالك بعد دفع رد المظالم أو التصدق بالمال، فان كان ذلك بإذن الحاكم الشرعي فلا إشكال في عدم الضمان وان لم يكن بإذنه فالأحوط استرضاء المالك. وان كان الأحوط وجوباً للمالك العفو.

(مسألة 1517) : إذا علم بعد دفع الخمس أن الحرام أكثر من الخمس، وجب عليه دفع الزائد أيضاً. وان علم انه انقص لم يجز له استرداد الزائد على مقدار الحرام.

(مسألة 1518) : إذا كان المال المختلط من الخمس أو الزكاة أو الوقف العام أو الخاص، يعني يكون الفرد قد اختلط احد هذه الأموال مع أمواله، فانه لا يحل بإخراج الخمس، بل يجري عليه حكم معلوم المالك، فيراجع ولي الخمس أو الزكاة أو الوقف العام أو الوقف الخاص، على احد الوجوه السابقة.

(مسألة 1519) : إذا كان الحلال المختلط بالحرام قد تعلق به الخمس، وجب تخميسه مرتين، بتقديم الخمس المحلل للحرام، ثم دفع الخمس الآخر، فلو كان مجموع المال مائة فخمسها الأول عشرون والباقي وهو ثمانون خمسه ستة عشر فيبقى له من مجموع المال أربعة وستون، ولا يجوز الاقتصار على خمس واحد.

(مسألة 1520) : إذا تصرف في المال المختلط بالحرام قبل إخراج خمسه بالإتلاف لم يسقط الخمس، بل يكون في ذمته يدفعه إلى مستحقه. وكذا الحال في مجهول المالك أن تصرف فيه بالإتلاف، فانه يكون في ذمته كرد للمظالم، فان عرف قدره دفعه، وإلا كان له الاقتصار على مقدار الأقل، ويبقى دفع الباقي مبنيا على الاحتياط الاستحبابي.

السابع مما يجب فيه الخمس: ما يفضل عن مؤونة سنته، مما صرفه لنفسه وعياله من فوائد الصناعات والزراعات والتجارات والاجارات وحيازة المباحات، بل الأحوط الأقوى تعلقه بكل فائدة مملوكه له، كالهبة والهدية والجائزة والمال الموصى به، ونماء الوقف الخاص والعام، والميراث الذي لا يحتسب - أي لا يُتوقّع-، وعوض الخلع، وإنما يجب الخمس على تقدير الملك بالقبض في عدد من هذه العناوين.

(مسألة 1521) : في وجوب الخمس في الميراث المحتسب كميراث الطبقة الأولى ومهر الزوجة وديات الأعضاء وارش الجنايات تردد، من جهة الشك في صدق عنوان الغنيمة والفائدة عليها خصوصاً الأخير فيحصل الشك في شمول عموم مثل قوله (عليه السلام) (في كل ما أفاد الناس من قليل أو كثير) فتجري أصالة البراءة، فلا يجب الخمس وهو قول المشهور الذي يمكن الرجوع اليه في موارد التردد والاحتياط.

(مسألة 1522) : إذا كان الشخص موردا لصرف الحقوق الشرعية كالخمس والزكاة، فان ما قبضه منها على نحو التملك يدخل في الفائدة فما فضل منه في نهاية السنة يجب فيه الخمس والمفروض أنه لا يمتلك أزيد من مؤونة سنته لخروجه بذلك عن عنوان الفقير فلا يستحق الزائد. وحينئذٍ لا يجب عليه الخمس فيما وقع تحت يده وحيازته إذا لم ينوِ عليه التملك.

(مسألة 1523) : إذا كان عنده من الأعيان التي لم يتعلق بها الخمس، أو تعلق بها وأداه، فنمت وزادت، فهذه الزيادة يمكن أن تكون على أنحاء:

النحو الأول: الزيادة المنفصلة أو ما بحكمها عرفا، كالولد والثمر واللبن والصوف، مما كان منفصلا بطبعه، وان لم ينفصل فعلا، فالظاهر وجوب الخمس في الزيادة، ما لم يستعمل في مؤونة السنة، ممن له حق تأجيل الخمس إلى سنة.

النحو الثاني: الزيادة المتصلة، كنمو الشجرة وسمن الشاة المعدّة للاستفادة من لحمها، فحكمها حكم النحو الأول، إذا كانت زيادة معتد بها عرفا.

النحو الثالث: زيادة القيمة السوقية، بلا زيادة عينية من النحوين الأول والثاني، وكان قد اعد البضاعة للمتاجر بها، ولا زال من قصده ذلك، فيجب الخمس في الارتفاع المذكور، اما اذا اتخذها للاقتناء التجاري كالشقق والمحلات للاستئجار او سيارة الأجرة فلا خمس على مثل هذه الزيادة الا اذا باعها بزيادة بقيت فائضة الى رأس السنة.

النحو الربع: زيادة القيمة السوقية فيما لا خمس عليه كالذي أعده للمؤونة من حين أو قبل حصول الزيادة، فلا يجب فيها الخمس، وإذا باعه بالسعر الزائد فان كان تملكه للعين بعوض -كالشراء- اعتبر الزائد من أرباح السنة وخمس الفاضل في نهايتها، وإن لم يكن بعوض، كما لو كانت من الموارد التي ترددنا في وجوب الخمس فيها كديّة الأعضاء فلا خمس في الزائد حتى إذا باعها.

ولا يفرق في هذه الأنحاء الأربعة بين أن يبيعه أو لا. فان وجب الخمس قبل البيع وجب بعده، وان لم يجب قبله لم يجب بعده، عدا ما قلناه في النحو الرابع.

ويمكن تلخيص الصور ببيان آخر بأن يقال:

إن أقسام ما زادت قيمته ثلاثة:

الأول: ما يجب فيه الخمس في الزيادة، وإن لم يبعه، وهو ما أعده للتجارة.

الثاني: ما لا يجب فيه الخمس في الزيادة، وإن باعه بالزيادة كالذي ملكه بالإرث المحتسب وارش الجناية ونحوها - على القول بعدم وجوب الخمس فيه-، مما لم يتعلق به الخمس ولم يعده للتجارة . ومن قبيل ذلك ما ملكه بالهبة أو الحيازة مما كان متعلقاً للخمس ولكن قد أداه من نفس المال، وأما إذا أداه من مال آخر فلا يجب الخمس في زيادة القيمة بالنسبة إلى أربعة أخماس ذلك المال ويجري على خمسه الذي ملكه بأداء قيمته من مال آخر حكم المال الذي ملكه بالمعاوضة .

الثالث: ما لا يجب فيه الخمس في الزيادة، إلا إذا باعه، وهو ما ملكه بالمعاوضة كالشراء ونحوه، بقصد الاقتناء لا التجارة.

(مسألة 1524) : الظاهر أن جعل رأس السنة مصلحة للمكلف بعنوان الولاية، فلا يجوز الزيادة على السنة، يعني تأجيل دفع الخمس أكثر إلا بإذن الولي، وأما دفعه قبل ذلك فلا مانع منه.

(مسألة 1525) : بناء على عدم وجوب الخمس في المال الموروث فانه لا يجب فيه الخمس بشرطين:

الشرط الأول: أن لا يكون متعلقاً للخمس في حياة المورِّث، كما لو كان خمسه مدفوعاً، أو كان إرثاً أو مهراً لا يجب تخميسه.

الشرط الثاني: أن يكون من الميراث المحتسب وهو ميراث الطبقة الأولى مع الزوج أو الزوجة.

 (مسألة 1526) : تفريعاً على المسألة المتقدمة فإنه مع عدم توفر الشرطين المذكورين في المال الموروث يجب دفع خمسه. وله صور:

الصورة الأولى: أن يكون ميراثاً محتسباً ولكنه متعلق للخمس منذ حياة المورث، فيجب تخميسه قبل التوزيع بين الورثة. وان لم يخمس وجب على الوارث تخميس ما وصل إليه.

الصورة الثانية: أن يكون ميراثا غير محتسب، ولكنه غير متعلق للخمس في حياة المورث، فيجب على الوارث تخميس ما وصل إليه.

الصورة الثالثة: بان يكون ميراثا غير محتسب، وكان متعلقا لوجوب الخمس في حياة المورث، ففي مثله يجب التخميس مرتين: الاولى: عن ذمة الميت قبل التقسيم، والأخرى: عن ذمة الوارث فيما وصل إليه.

(مسألة 1527) : الذين يملكون الغنم يجب عليهم في آخر السنة إخراج خمس الباقي بعد مؤونتهم، من نماء الغنم من الصوف والسمن واللبن والسخال المتولدة منها، وإذا بيع شيء منها في أثناء السنة وبقي شيء من ثمنه، وجب إخراج خمسه أيضا. وكذلك الحكم في سائر الحيوانات، فانه يجب تخميس ما يتولد منها إذا كان باقياً في آخر السنة بنفسه أو بثمنه.

 (مسألة 1528) : يمكن أن يجتمع الخمس والزكاة في مال واحد، بمعنى وجوب دفعهما في زمان واحد أو زمانين، كما لو كان عنده نحواً من ستين رأسا من الغنم مما يقصد به التجارة والاسترباح، فإذا مضى عليها عام، وجبت زكاتها ووجب خمسها، ولو دفع الخمس لم ينقص نصاب الزكاة، ولو دفع الزكاة لم يسقط الخمس، والأحوط البدء بدفع الخمس لتكون حصة الزكاة مخمسة. ويمكن أن يجب الخمس دون الزكاة، وان كان النصاب زكوياً. وذلك لأنه ينقص بدفع الخمس عن النصاب فلا تجب الزكاة. وقد تجب الزكاة دون الخمس، كما لو كان رأس سنتها اسبق من سنة الخمس، فيدفع الزكاة، ويخمس الباقي مع حصول وقته.